اسم الکتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية المؤلف : سليمان الأشقر، محمد الجزء : 1 صفحة : 299
وأبي حنيفة والشافعي في قول [1] وأحمد في رواية [2]، وكان مالك بن الحويرث يعلّمها الناس. ولم ينقل فعلها عن أحد من الصحابة غيره [3].
وغاية ما يصحّ أن يقال في قوْلتِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي" إنها إرشاد من النبي - صلى الله عليه وسلم - لمالك، ومن كان في مثل حاله رضي الله عنه، ممن لم يسعفه الوقت للتعلم، والتفريق بين واجبات الصلاة وسننها، وما ليس من واجباتها، ولا من سننها، فيقال له: اصنع مثل فعل فلان من الناس، وفلان ممن يحسن الصلاة. فيشابهه في الصورة دون القصد.
أما أن يكون كل ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة بياناً، ويكون بذلك واجباً، فذلك أمر يتجاوز ما يدل عليه هذا الحديث بملابساته الواردة في كتب السنة. بل هذه واقعة حال. ووقائع الأحوال مشهور الكلام فيها. فلا تحمل على العموم، لأن الخطاب فيها موجه إلى مالك وصحبه، فلا يشاركهم في المدلول إلاّ من كان في مثل حالهم [4].
أما من سواهم من أهل العلم، من المجتهدين والمتفرغين، فعليهم أن يعتمدوا في التفريق بين واجبات الصلاة وسننها على الدلائل الكثيرة المبثوثة في الكتاب والسنة. فإن لم يكن ثم شيء يميّز بينها فإنها تكون من الأفعال المجردة، وسيأتي حكمها إن شاء الله.
جواب آخر: وقد أجاب به أبو شامة: سلّمنا أن الحديث يدل على أن صلاته - صلى الله عليه وسلم - بيان، لكنها بيان للصلاة المطلوبة من المسلمين، بواجباتها وسنها وما يجوز فيها، فلماذا يحمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على أنه للواجب خاصة؟.
بل الناتج من كون صلاته بياناً أن يكون كل فعل فعله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة دائراً بين هذه الأنواع الثلاثة، والعمدة في تمييز بعضها عن بعض إما القول، وإما [1] ابن دقيق العيد: الأحكام 225/ 1 [2] ابن قدامة: المغني 529/ 1 [3] المصدر السابق 529/ 1 [4] وانظر: المحقق لأبي شامة.
اسم الکتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية المؤلف : سليمان الأشقر، محمد الجزء : 1 صفحة : 299