responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 87
وَأَنَّ كُلَّ مَنْ قَاسَ وَاِسْتَنْبَطَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ. كَلَّا وَاللَّهِ، بَلْ لَيْسَ المُرَادُ بِالرَّأْيِ نَفْسُ الفَهِمِ وَالعَقْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَحَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وَلَا الرَّأْيَ الذِي لَا يَعْتَمِدُ عَلَى سُنَّةٍ أَصْلًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَحِلُهُ مُسْلِمٌ البَتَّةَ، وَلَا القُدْرَةَ عَلَى الاِسْتِنْبَاطِ وَالقِيَاسَ فَإِنَّ أَحَمْدَ وَإِسْحَاقَ، بَلْ الشَّافِعِيَّ أَيْضًا لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ بِالْاِتِّفَاقِ، وَهُمْ يَسْتَنْبِطُونَ وَيَقِيسُونَ .. بَلْ المُرَادُ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ قَوْمٌ تَوَجَّهُوا بَعْدَ المَسَائِلِ المُجْمِعِ عَلَيْهَا بَيْنَ المُسْلِمِينَ أَوْ بَيْنَ جُمْهُورِهِمْ إِلَى التَّخْرِيجِ عَلَى أَصْلِ رَجُلٍ مِنَ المُتَقَدِّمِينَ فَكَانَ أَكْثَرُ أَمْرِهِمْ حَمْلُ النَّظَرِ عَلَى النَّظَرِ، وَالرَّدِّ إِلَى أَصْلٍ مِنَ الأُصُولِ، دُونَ تَتَبُّعِ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ، وَالظّاهِرِ لِمَنْ لَا يَقُولُ بِالقِيَاسِ وَلَا بِالآثَارِ كَدَاوُدَ وَاِبْنِ حَزْمٍ وَبَيْنَهُمَا المُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ» [1].
وقد شرح نظرية التخريج هذه مُبَيِّنًا أنه كان في عصر مالك وسفيان ومن بعدهما قوم لا يكرهون المسائل ولا يهابون الفتيا، ولم يكن عندهم من الأحاديث والآثار ما يقدرون به على استنباط الفقه على الأصول التي اختارها أهل الحديث ولم تنشرح صدورهم للنظر في أقوال علماء البلدان وجمعها والبحث عنها، وكان عندهم من الفطانة والحدس وسرعة انتقال الذهن من شيء إلى شيء ما يقدرون به على تخريج جواب المسائل على أقوال أصحابهم.
«فَمَهَّدُوا الفِقْهَ عَلَى قَاعِدَةِ التَّخْرِيجِ: وَذَلِكَ أَنْ يَحْفَظَ كُلُّ أَحَدٍ كِتَابَ مَنْ هُوَ لِسَانُ أَصْحَابِهِ وَأَعْرَفَهُمْ بِأَقْوَالِ القَوْمِ، وَأَصَحَّهُمْ نَظَرًا فِي التَّرْجِيحِ فَيَتَأَمَّلُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَجْهَ الحُكْمِ، فَكُلَّمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ احْتَاجَ إِلَى شَيْءٍ رَأَى فِيمَا يَحْفَظُهُ مِنْ تَصْرِيحَاتِ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ وَجَدَ الجَوَابَ فِيهَا وَإِلَّا نَظَرَ إِلَى عُمُومِ

(1) " الإنصاف ": ص 73، وحكاية الاتفاق على عدم اعتبار الشافعي من أصحاب الرأي غَيْرَ مُسَلَّمٍ كما هو واضح مما سبق.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست