اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 522
فَغَضِبَ وَكِيعٌ وَقَالَ: " أَقُولُ لَكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقُولُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ، مَا أَحَقَّكَ بِأَنْ تُحْبَسَ، ثُمَّ لَا تَخْرُجَ حَتَّى تَنْزِعَ عَنْ قَوْلِكَ هَذَا "» [1].
والواقع أن أبا حنيفة ليس له حجة مقنعة في هذا الموضع، ولا يغني اعتذار الكوثري عنه بأن الناس [كانوا] يبالغون في الإشعار زمنه، إذ لو كان ذلك كذلك، لكان عليه أن يدلهم على كيفية الإشعار المسنون، لا أن يرفضه جملة، ويقيسه على المثلة المحرمة [2].
2 - وُجُوبُ الدَّمِ عَلَى المُحْرِمِ، إِذَا لَبِسَ السَّرَاوِيلَ بِعُذْرٍ:
وَبِسَنَدِهِ عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا لَمْ يَجِدَ المُحْرِمُ إِزَارًا، فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ».
وَعَنْ جَابِرٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ أَوْ مَا يَتْرُكُ المُحْرِمُ؟ قَالَ: " لَا يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا الخُفَّيْنِ، إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدَ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ "».
- «وذُكِرَ أنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " لَا يَفْعَلُ، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ "».
بَيَّنَ الطحاوي رأي أبي حنيفة في هذه المسألة أحسن بيان موضحًا أن حديث ابن عباس الذي رواه ابن أبي شيبة هنا مطلق قد قيده ما بعده من حديث ابن عمر، حيث أمر بقطع النعلين أسفل الكعبين، حتى يكون هناك فرق بين المحل والمحرم، وأبو حنيفة يقول بذلك، وعلى فرض أنه لم يقطعهما، فإن أبا حنيفة لم يخالف حديث ابن عباس بل قال به عند الضرورة، إلا أنه قد أوجب عليه كفارة، والحديث ساكت عن وجوب
(1) " الترمذي ": 4/ 140، 141. [2] انظر " النكت الطريفة "، للكوثري: ص 25، 27؛ و" إعلام الموقعين: 3/ 413؛ و" فتح القدير ": 2/ 213، [214].
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 522