responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 496
بأهمية الوتر والحث عليه، إلى حد جعل الصحابة يختلفون في وجوبه، ويستفتون في حكمه، كما هو واضح فيما رواه ابن أبي شيبة، وإلى حد أن حذر الأئمة غير أبي حنيفة من تركه، مع قولهم بعدم وجوبه، فقال مالك: «الوِتْرُ لَيْسَ فَرْضًا، لَكِنْ مَنْ تَرَكَهُ أُدِّبَ، وَكَانَ جَرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ»، وقال الشافعي في الوتر وسنة الفجر: «وَلَا أُرَخِّصُ لِمُسْلِمٍ فِي تَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أَوْجَبَهُمَا، وَمَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَسْوَأُ حَالًا مِمَّنْ تَرَكَ جَمِيعَ النَّوَافِلِ».
وقال أحمد: «مَنْ تَرَكَ الوِتْرَ عَمْدًا فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ» [1].
يضاف إلى ذلك أن بعض الأحاديث فيها ما يمكن أن يستنتج منه وجوب الوتر، كحديث: «إِنَّ اللهَ قَدْ زَادَكُمْ صَلاَةً، أَلَا وَهِيَ الوِتْرُ، فَصَلُّوهَا , مَا بَيْنَ العِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ»، وحديث «الوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا» [2].
كل ذلك دفع أبا حنيفة إلى أن يرفع الوتر درجة فوق النفل ودون الفرائض الخمس، على الأظهر مما روي عنه.
والآثار التي ذكرها ابن أبي شيبة ليس فيها ما يقيم الحجة على أبي حنيفة ويحسم الخلاف: أما حديث عُبَادَةَ، فلأنه مبني على الإنكار على من يسوي بين الفريضة والوتر، ولم يقل بذلك أبو حنيفة في ظاهر الرواية عنه، وأما الآثار الأخرى، فكلها يؤيده، وليس معنى السنة هي السنة المقابلة للفرض، بل معناها ما ثبت بالسنة، أعم من أن يكون فرضًا أو واجبًا أو مندوبًا.
وقد عزا ابن رشد سبب الخلاف هنا إلى تعارض الآثار، بين ما يثبت منها وجوب الوتر، وما يقصر الوجوب على خمس [3].

(1) " النكت الطريفة ": ص 173، 174.
[2] انظر هذه الأحاديث في " شرح معاني الآثار ": 9/ 250؛ و" أبي داود ": 2/ 84، وانظر الاختلاف في تصحيحها في " فتح القدير ": 300، 302.
(3) " بداية المجتهد ": 1/ 70.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 496
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست