responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 420
فهل تعني هذه العبارة وجوب غسل هذا الدم وإزالته؟ إن العبارة ليست نصًا في هذا المعنى، ولذلك يقول ابن قدامة: «وَالأَوَّلُ أَظْهَرُ - أَيْ كَوْنِهِ طَاهِرٌ -، وَقَوْلُ أَحْمَدَ: " إنِّي لأَفْزَعُ مِنْهُ " لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي نَجَاسَتِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَوَقُّفِهِ فِيهِ» [1].
والحذر من الجزم بالتحليل والتحريم، الذي أخذ المحدثون أنفسهم به كان شائعًا عند معظم السلف والأئمة السابقين. يصرح بذلك الإمام مالك فيقول: «لَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ وَلَا مَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِنَا، وَلَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا أَقْتَدِي بِهِ يَقُولُ فِي شَيْءٍ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ، مَا كَانُوا يَجْتَرِئُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَقُولُونَ: نَكْرَهُ هَذَا وَنَرَى هَذَا حَسَنًا، وَنَتَّقِي هَذَا وَلَا نَرَى هَذَا، [وَزَادَ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ]، وَلاَ يَقُولُونَ: حَلاَلٌ وَلَا حَرَامٌ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59] الْحَلَالُ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ».
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: «مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنَ العِلْمِ رَأْيًا وَاسْتِحْسَانًا لَمْ [يُقَلْ] فِيهِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ» [2].
وهنا امتنع بعض العلماء عن الإفتاء في بعض المسائل المشكلة، مثل سفيان بن عيينة الذي كان لا يفتي في الطلاق، ويقول: «مَنْ يُحْسِنُ هَذَا؟» [3].
وقد سرد ابن القيم بعض مسائل مأثورة عن الإمام أحمد، تجنب فيها التصريح بالتحليل والتحريم: فمن ذلك، «أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ قَالَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ

(1) " المغني ": 2/ 103.
(2) " جامع بيان العلم وفضله ": 2/ 146، والآية هي 59 من سورة يونس.
[3] انظر " إعلام الموقعين ": 1/ 36.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 420
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست