اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 369
أو بعضه فإنه لا يجزئه القضاء، وإنما كفارة الفرائض المتروكة الاستغفار والتوبة والإكثار من التطوع، أما قضاء المتروك فلا يجزئه، لأنه لا يفههم من قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -، ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اعملوا كذا في وقت كذا، وصلوا صلاة كذا من حين كذا إلى حين كذا - إلا أن الزمان المحدود هو الذي أمرنا فيه بالعمل المذكور، فإذا ذهب زمان للعمل فلا سبيل إلى العمل، إلا إذا جاء نص يبيح ذلك، كما في المريض والمسافر في رمضان، وكذا في النائم والناسي للصلاة، فليصلها إذا ذكرها، أو إذا استيقظ.
وقد يكون الأمر محدود الطرف الأول غير محدود الطرف الآخر، فإن الأمر به ثابت متجدد وقتًا بعد وقت، وهو ملوم في تأخيره، فإن أداه سقط عنه إثم الترك، وعليه إثم التأخير وعدم البدار، كوجوب الزكاة والحج [1].
ومن المميزات الهامة للفقه الظاهري أن كل فعل منهي عنه فإنه يقع باطلاً، لا يترتب عليه أثر ما، كما قدمناه بالنسبة لبعض المحدثين.
فرفع البصر إلى السماء في الصلاة يبطلها، لأن النهي عنه جاء في حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاَةِ، أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ»، وقد عنف ابن حزم المذاهب التي لا تبطل الصلاة بتعمد رفع الأبصار إلى السماء، مع أن النص قد صح بتحريمه وشدة الوعيد فيه.
وَكَذَلِكَ نَهَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ وَالحَمَّامِ وَالمَدَافِنِ، [1] انظر " الإحكام "، لابن حزم: 3/ 52، 68.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 369