اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 323
فلعله أهمل الترجمة ليجعل القارئ أمام الحديث وجهًا لوجه يستنبط منه ما يشاء دون أن يوعز إليه برأيه، أو يشير إليه بما يمكن أن يستنبط منه، بل يرويه له مجردًا من رأيه، بل ومن رأى غيره من الصحابة والتابعين وتابعيهم، إذ الترجمة في حقيقتها ليست إلا انعكاسًا لفهم المؤلف ورأيه، فيما يدل عليه المروي تحت ترجمته.
وكما خلا " صحيح مسلم " من التراجم، خلا من أي تعقيبات فقهية له أو لغيره، وإن كانت روايته لحديث ما دليلاً على أنه يذهب إليه ما دام صحيحًا في نظره، أما الضعيف فلا يرويه ولا يقول به، كما يمكن أن يستنبط رأيه فيما التزمه في موضوعات مختلف الحديث، وهي التي نشرع فيها الآن.
مَنْهَجُ المُحَدِّثِينَ فِي الأَحَادِيثِ المُخْتَلِفَةِ:
سبق أن تكلمنا عن مختلف الحديث، وَبَيَّنَّا أن موضوعه هو الأحاديث الصحيحة التي تتعارض أحكامها من حيث الظاهر، ويمكن التوفيق بينهم بوجه من الوجوه، إما بالنسخ، أو بتقييد المطلق، أو تخصيص العام، أو بمرجح من المرجحات.
وعلاج المحدثين للأحاديث المتعارضة لا يخرج عن ذلك، فإن الحديثين إذا تعارضا فقد يرى بعض المحدثين أن أحدهما لم يستوف شرطه، فيهمله ولا يلتفت إليه، إذ بضعفه عنده صار غير قابل للمعارضة، على حين يرى آخرون أن الحديث صحيح، فيتأولونه بوجه من الوجوه المتقدمة. وقد جرت عادة معظم المحدثين بأن يقدموا الأحاديث المنسوخة، ثم يتبعوها بالناسخة تحت عناوين (بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ)، أو (بَابُ تَرْكِ ذَلِكَ)، أو غيرها.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 323