اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 312
مَنْهَجُ التِّرْمِذِيِّ:
ثم يأتي الترمذي، فيسلك طريق البخاري في الاهتمام بفقه الحديث، ويليه مباشرة في الترتيب بين كتاب " السنن " - في وضوح الشخصية الفقهية - ولا شك أنه تأثر بالبخاري هنا، فضلاً عن تأثره به في العلل والتاريخ، كما سبق أن نقلنا تصريحه بذلك.
ولكن على الرغم من تأثره بالبخاري، وإعجابه به، كانت له طريقة خاصة في إثبات الآراء الفقهية، نوجز أهم ملامحها فيما يلي:
1 - ترجم الترمذي للأبواب بعناوين مختصرة غير أنها واضحة، ووثيقة الصلة بما عنونت له، مجردة من الإضافات والآراء. فإذا روى الأحاديث التي يريد روايتها في الباب المترجم له، عَقَّبَ عليها بنقدها من حيث الصناعة الحديثية، ثم من حيث الأحكام الفقهية المأخوذة من الأحاديث مُنَبِّهًا على مذاهب الصحابة والتابعين وتابعيهم في الأحكام.
2 - وفي ذكر الآراء الفقهية التي يعقب بها على الأحاديث، عني الترمذي عناية كبيرة بذكر فقهاء أهل الحديث، حتى كاد ذلك يكون التزامًا منه في معظم أبواب الأحكام. ولا يغنيه عن ذكر آرائهم كون الحكم الفقهي موضع اتفاق بين معظم أهل العلم، كما في (بَابُ مَا جَاءَ فِي الوَلِيَّيْنِ يُزَوِّجَانِ) حيث روى فيه عن رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا». فقد عقب عليه بقوله: «وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلاَفًا: إِذَا زَوَّجَ أَحَدُ الوَلِيَّيْنِ قَبْلَ الآخَرِ، فَنِكَاحُ الأَوَّلِ جَائِزٌ، وَنِكَاحُ الآخَرِ مَفْسُوخٌ، وَإِذَا زَوَّجَا جَمِيعًا فَنِكَاحُهُمَا جَمِيعًا مَفْسُوخٌ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ» [1].
(1) " الترمذي بشرح ابن العربي ": 1/ 30، 31.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 312