اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 302
رابعًا - منهجهم في ذكر آرائهم الفقهية وآراء غيرهم:
قدمنا أن المحدثين كرهوا إفراد الآراء الفقهية بالتدوين، وأن اتجاههم إلى الآثار دفعهم إلى أن يؤلفوا كتب الحديث، ويضمونها ما أرادوا ذكره من أرائهم أو آراء غيرهم.
ولما كانت الآثار هي غايتهم الأولى من التأليف، كان طبيعيًا أن يقتصدوا في ذكر الآراء الفقهية، وأن يوجزوا القول فيها إيجازًا يصل إلى حد الرمز والإشارة في بعض الأحيان، وإن لم يمنعهم هذا من أن يعبروا في الجملة عن آرائهم، وأن يعلنوا عن اختياراتهم، ولكنهم تفاوتوا في إبراز شخصيتهم الفقهية من خلال التراجم والآراء التي يعرضونها، فعلى حين تقرأ لبعضهم فلا تكاد تحس به، إذا بآخرين منهم يؤكدون وجودهم في كل صفحة من صفحات مؤلفاتهم.
مَنْهَجُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ:
ويبدو أن المؤلفين قبل البخاري، ممن رتبوا كتبهم على الأبواب، لم يكونوا يقتصرون على رواية حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل كانوا يَرْوُونَ معه آراء الصحابة والتابعين وتابعيهم.
وهذه الظاهرة أوضح ما تكون في " المصنف " لابن أبي شيبة (أبي بكر عبد الله بن محمد)، حيث يمكن اعتباره - بحق - مستودعًا فقهيًا لآراء السلف وديوانًا جامعًا لأقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم، يروي في الأبواب أقوالهم بأسانيدها، قبل الأحاديث المرفوعة أو بعدها لا يلتزم في ذلك ترتيبًا معينًا، بل إن بعض الأبواب خلت تمامًا من الأحاديث، مقتصرًا فيها على ذكر فتاوى الصحابة ومن بعدهم. وهذه الأبواب مسائل أفتى فيها الصحابة والتابعون، وهي من الكثرة في " مصنف ابن أبي شيبة " بحيث
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 302