responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 282
عنه قبل التغير، ومن منهم روى عنه بعدما تغير، إلى غير ذلك من الأصول المحكمة التي تجعل الاحتمالات التي يمكن أن تلحق بالأخبار بعد ذلك احتمالات نادرة، لا يلتفت إليها.
إن اتجاه المحدثين في الشروط يمثل النظرة الموضوعية، ويضع القاعدة المطردة، التي لا تتأثر كثيرًا بذاتية الباحث، فكلما تحققت الشروط، تحققت صحة الحديث، فوجب العمل به، وكلما فقد شرط تأثرت صحة الحديث، فلا يلزم قبوله. وشروطهم شروط موضوعية، تلتزم الظاهر، وتترك الاحتمالات الناشئة لا عن دليل، أو كما يقول الغزالي: «لَسْنَا نَعْنِي بِالقَبُولِ التَّصْدِيقَ وَلاَ بِالرَّدِّ التَّكْذِيبَ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا قَبُولُ قَوْلِ العَدْلِ، وَرُبَّمَا كَانَ كَاذِبًا أَوْ غَالِطًا، وَلاَ يَجُوزُ قَبُولُ قَوْلِ الفَاسِقِ وَرُبَّمَا كَانَ صَادِقًا. بَلْ نَعْنِي بِالمَقْبُولِ مَا يَجِبُ العَمَلُ بِهِ، وَبِالمَرْدُودِ مَا لَا تَكْلِيفَ عَلَيْنَا فِي العَمَلِ بِهِ» [1].
ولكن هذه الموضوعية عند المحدثين تحولت عند بعضهم إلى نوع من التزمت الصارم، والحرفية في التطبيق، والالتزام العبودي للقواعد التي صنعوها، فلم يفتحوا عيونهم على الآفاق الرحيبة للتشريع الإسلامي، وقد نقلنا فيما سبق قول الدهلوي: «وَلَا يَنْبَغِي لِمُحَدِّثٍ أَنْ يَتَعَمَّقَ بِالقَوَاعِدِ التِي أَحْكَمَهَا أَصْحَابُهُ، وَلَيْسَتْ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ، فَيَرُدُّ بِهِ حَدِيثًا أَوْ قِيَاسًا صَحِيحًا ...».
أما من تكلم في الأصول من الأحناف والمالكية، فإن كثيرًا منهم لم ينظروا إلى شروطهم في الحديث نظرة موضوعية مجردة، بل نظروا إليها نظرة ذاتية مقيدة بمذاهب أئمتهم واتجاهاتهم، بمعنى أن أئمتهم كانت لهم آراء

(1) " المستصفى ": 1/ 155.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست