اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 268
واختاره السرخسي [1].
وَذَهَبَ بَعْضُ المُتَأَخِّرِينَ - وَمِنْهُمْ ابْنُ الحَاجِبِ المَالِكِيُّ، وَكَمَالُ الدِّينِ بْنُ الهُمَامِ الحَنَفِيِّ - إِلَى أَنَّ المُرْسَلَ يُقْبَلُ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ فِي أَيِّ قَرْنٍ، وَيُتَوَقَّفُ فِي المُرْسَلِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ " مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ " [2].
أما معظم الأصوليين من الشافعية، فقد تبنوا فكرة الشافعي في المرسل ودافعوا عنها.
وأدلة الذين قبلوا المرسل تتلخص فيما يأتي:
[أ] أن الصحابة قد أرسلوا كثيرًا من الأحاديث، وقد اتفق على قبول مراسيلهم، وهذا حجة في قبول أصل المرسل.
[ب] أن رواية العدل عن الأصل المسكوت عنه تعديل له، لأنه لو روى عمن ليس بعدل ولم يبين حاله، لكان ملبسًا وغاشًا، وذلك ينافي عدالته، بل بالغ بعضهم فجعل المرسل لذلك أقوى من المسند، لأنه إذا أسنده فقد وكل أمره إلى الناظر فيه ولم يلتزم صحته، بخلاف ما إذا أرسله، لأنه لا ينسب حديثًا إلى الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا إذا غلب على ظنه صدق من روى عنه.
ولهذا قال إبراهيم النخعي للأعمش عندما قال له: «إِذَا حَدَّثْتَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَأَسْنِدْ»، فرد عليه إبراهيم بقوله: «إِذَا قُلْتُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَإِذَا قُلْتُ حَدَّثَنِي فُلانٌ فَحَدَّثَنِي فُلانٌ»
و «كَانَ الحَسَنُ إِذَا اجْتَمَعَ لَهُ أَرْبَعَةٌ عَلَى الحَدِيثِ أَرْسَلَهُ إِرْسَالاً» [3].
(1) " أصول السرخسي ": 1/ 359، 363. [2] انظر: ج 2 ص 174.
(3) " الطبقات " لابن سعد: 6/ 190؛ و" الإحكام " للآمدي: 3/ 179؛ و" فواتح الرحموت ": 2/ 174، 175.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 268