اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 264
عَنْهُ». ثم نقل مثل صنيع الحسن عن الشعبي، وسفيان بن عيينة. ولم ينس الترمذي أن يشير إشارة موجزة إلى أن بعض أهل العلم يحتج بالمرسل [1].
ويقول ابن الصلاح: «وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سُقُوطِ الاحْتِجَاجِ بِالمُرْسَلِ وَالحُكْمِ بِضَعْفِهِ هُوَ المَذْهَبُ الذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ آرَاءُ جَمَاهِيرِ حُفَّاظِ الحَدِيثِ وَنُقَّادِ الأَثَرِ» [2].
وقد بالغ ابن حزم في رد المرسل، وذكر أنه غير مقبول ولا تقوم به حجة، لأنه عن مجهول، ومن جهل حاله ففرض علينا التوقف في قبول خبره حتى نعلم حاله، وسواء قال الراوي: «حَدَّثَنَا الثِّقَةُ»، أو لم يقل، «إِذْ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ ثِقَةٌ مَنْ لَا يَعْلَمُ مِنْ جَرْحَتِهِ مَا يَعْلَمُ غَيْرُهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الجَرْحَ أَوْلَى مِنَ التَّعْدِيلِ»، ثم ذكر ابن حزم مِنْ أَسْبَابِ رَدِّ المرسل حصول الكذب في عهد الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووجود منافقين ومرتدين بنص القرآن: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} [3]، «وَلِقَاءُ التَّابِعِيِّ لِرَجُلٍ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ شَرَفٌ وَفَخْرٌ عَظِيمٌ فَلِأَيِّ مَعْنَى يُسْكَتُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ لَوْ كَانَ مِمَّنْ حُمِدَتْ صُحْبَتُهُ وَلَا يَخْلُو سُكُوتُهُ عَنْهُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ إِمَّا أَنَّهُ لَا يَعْرِفْ مَنْ هُوَ وَلَا عَرَفَ صِحَّةَ دَعْوَاهُ الصُّحْبَةَ، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا» [4].
وقد استثنى ابن حزم من المرسل ما قد صح الإجماع بما فيه، ونقل جيلاً بعد جيل كنقل القرآن، فاستغنى عن السند، كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»، وكثير من أعلام نبوته ومعجزاته [5]. [1] انظر " الترمذي ": 13/ 328، [331].
(2) " مقدمة ابن الصلاح " في علوم الحديث: ص 26. [3] [التوبة: 101].
(4) " الإحكام "، لابن حزم: ج 2 ص 3.
(5) " الإحكام "، لابن حزم: ج 2 ص 70.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 264