اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 170
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: " قَدْ وَضَعَتْ سُبَيْعَةُ الأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِيَسِيرٍ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ "» [1].
ومن ذلك ما ذهب إليه ابن عباس من أن الأخت لا ترث أصلاً مع البنت ولا مع بنت الابن، لقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176]، ولفظ الولد يقع على المذكر والمؤنث، ولقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ [بِأَهْلِهَا]، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ».
وَرَأْيُ ابن عباس هنا مخالف لما ذهب إليه معظم الفقهاء من اعتبار الأخوات عصبة مع البنات، مستندين إلى ما روي مِنْ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ سُئِلَ عَنْ [بِنْتٍ] وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ، فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ، ... فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلأُخْتِ».
ولكن يبدو أن ابن عباس لا يعترف بصحة هذا الحديث لمخالفته ظاهر الآية السابقة، مع معارضته لحديث: «أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ [بِأَهْلِهَا]»، فقد روى ابن حزم عنه أنه قال: قال الله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: لَهَا النِّصْفُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ».
وَرُوِيَ عَنْهُ أيضًا أنه قال: «أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: وَلَا فِي قَضَاءِ
(1) " الترمذي بشرح ابن العربي ": 5/ 170، 171 ولا أدري هل رجع ابن عباس إلى الحديث في هذه المسألة، أو اكتفى بما رآه في الجمع بين قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، وقوله تعالى: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 170