ومع أنّ العلماء متفقون على وجوب الاقتداء بالرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولزوم اتباع سنته قد يختلفون في الأمر من قول الرسول أو فعله: هل هذا القول أو الفعل جرى من الرسول مجرى الجبلة والعادة، أو التجربة الشائعة في قومه، فالاتباع فيه غير لازم، كما لا يلزم إذا كان الفعل من خواص الرسول. أم أن القول والفعل مقصود بهما التشريع فيلزم حينئذٍ الاتباع؟.
ومرجع ذلك أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشر، له مطالب البشر، ويحتاج إلى ضرورات الحياة وخبرتها وتجاربها، وَقَدْ نبَّهَ - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - أصحابه إلى التفرقة بين أمور التشريع وأمور الحياة العادية في قوله أو فعله، فقال: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ،
(1) " أصول السرخسي ": 1/ 114.
(2) " الإحكام " لابن حزم: 1/ 47.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود الجزء : 1 صفحة : 17