responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 142
القُرْآنِ وَكَانَ بِهَا أَيْضًا مَنْ لَا تُرْضِي حَالُهُ كَهَيْتٍ المُخَنَّثُ (*) الذِي أَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بِنَفْيِهِ وَالحَكَمِ الطَّرِيدِ (**) وَغَيْرَهُمَا فَلَيْسَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِمْ اسْمُ الصَّحَابَةِ» [1].
أما الاتجاه الثاني في تعريف الصحابي، فهو اتجاه الفقهاء والأصوليين وبعض المحدثين، وهو يميل إلى المعنى العرفي ويحكم الاستعمال الشائع الذي يجعل الصحبة أخص من الرؤية.
ويوضح الباقلاني الاتجاهين السابقين فيقول: «لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللَّغَةِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ مُشْتَقٌّ مِنَ الصُّحْبَةِ جَارٍ عَلَى كُلِّ مَنْ صَحِبَ غَيْرَهُ، قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا، يُقَالُ صَحِبَهُ شَهْرًا وَيَوْمًا وَسَاعَةً. قَالَ: وَهَذَا يُوجِبُ فِي حُكْمِ اللُّغَةِ إِجْرَاءَ هَذَا عَلَى مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ سَاعَةً. هَذَا هُوَ الأَصْلُ. قَالَ: وَمَعَ هَذَا فَقَدْ تَقَرَّرَ لِلْأُمَّةِ عُرْفٌ فِي أَنَّهُمْ لَا يَسْتَعْمِلُونَهُ إِلَّا فِيمَنْ كَثُرَتْ صُحْبَتُهُ وَاتَّصَلَ لِقَاؤُهُ وَلاَ يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَقِيَ المَرْءَ سَاعَةً وَمَشَى مَعَهُ خُطُوَاتٍ وَسَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجْرِي فِي الاسْتِعْمَالِ إِلَّا عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهُ» [2].
وما يميل إليه الباقلاني من تحكيم العرف في ذلك هو الصحيح فإن الصحبة أخص من الرؤية بدليل أن من الصحابة أنفسهم من كان يرى ذلك، فقد سُئِلَ أنس بن مالك: «هَلْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ غَيْرُكَ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ رَأَوْهُ، فَأَمَّا مَنْ صَحِبَهُ فَلاَ» [3].

تَفَاوُتُ الصَّحَابَةِ فِي العِلْمِ:
هؤلاء الصحابة الذين أثنى الله عليهم، واقتبسوا من مشكاة النبوة - لم

(1) " الإحكام " لابن حزم: 2/ 82، 83. وإليه مال الآمدي أيضًا واحتج له. انظر " الإحكام " للآمدي: 2/ 130، 133.
(2) " مقدمة النووي لصحيح مسلم ": 1/ 35، 36 ومال إلى ذلك الغزالي في " المستصفى ": 1/ 165.
(3) " السنة قبل التدوين " للدكتور [محمد] عجاج الخطيب: ص 289، 290.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) انظر " فتح الباري بشرح صحيح البخاري "، لابن حجر العسقلاني: 8/ 44، طبعة سنة 1379 هـ، نشر دار المعرفة. بيروت - لبنان.
(**) قال الإمام الذهبي: الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الأُمَوِيِّ، أَبُو مَرْوَانَ. (ت 31 هـ).
وَكَانَ لَهُ مِنَ الوَلَدِ عِشْرُونَ ذَكَرًا وَثَمَانِ بَنَاتٍ، أَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَقَدِمَ المَدِينَةَ، فَكَانَ فِيمَا قِيلَ يُفْشِي سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَرَدَهُ وَسَبَّهُ، وَأَرْسَلَهُ إِلَى بَطْنِ وَجٍّ، فَلَمْ يَزَلْ طَرِيدًا إِلَى أَنْ وُلِّيَ عُثْمَانُ، فَأَدْخَلَهُ المَدِينَةَ وَوَصَلَ رحِمَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، لِأَنَّهُ كَانَ عَمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ. وَقِيلَ: إِنَّمَا نَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطَّائِفِ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْكِيهِ فِي مِشْيَتهِ وَبَعْضِ حَرَكَاتِهِ.
وَقَدْ رُوِيَتْ أَحَادِيثٌ مُنْكَرَةٌ فِي لَعْنِهِ لَا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهَا، وَلَيْسَ لَهُ فِي الجُمْلَةِ خُصُوصِ الصُّحْبَةِ بَلْ عُمُومُهَا.
نقلاً عن " تاريخ الإسلام " للذهبي (ت 748 هـ)، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، 2/ 198، الطبعة الأولى: 2003 م، دار الغرب الإسلامي. بيروت - لبنان.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست