وهذا التعريف للإنشاء أعم من التعريف المذكور أولا لتناوله الطلب فإنه إنما يحصل مدلوله في الخارج بالكلام ولا خارج له قبل ذلك، فعلى الأول الكلام ثلاثة أقسام: الطلب والإنشاء والخبر. وعلى الثاني قسمان فقط: الإنشاء والخبر والطلب داخل في قسم الإنشاء. وتفسير الإنشاء على الأول: إيقاع لفظ لمعنى يقاربه في الوجود. وعلى الثاني ما لا نسبة له في الخارج، وقد أورد على الثاني الإخبار عن المستقبل نحو: سيقوم زيد فإنه خبر قال الله تعالى: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون} مع أنه عند النطق به ليس له خارج صدق ولا كذب فلا يمكن وصفه بذلك.
ص: ولا مخرج له عنهما لأنه إما مطابق للخارج أو لا وقيل بالواسطة فالجاحظ إما مطابق مع الاعتقاد ونفيه أو لا مطابق مع الاعتقاد ونفيه فالثاني فيهما واسطة وغيره: الصدق المطابقة لاعتقاد المخبر طابق الخارج أو لا/ (114ب/م) وكذبه عدمها فالساذج واسطة والراغب: الصدق في المطابقة الخارجية مع الاعتقاد فإن فقد فمنه كذب وموصوف بهما بجهتين.
ش: قد تقرر انقسام الخبر إلى صدق وكذب، ثم اختلفوا هل بينهما واسطة أم لا، فقال الجمهور: لا واسطة بينهما ولا يخرج الخبر عن كونه صدقا أو كذبا، لأنه إما أن يطابق الخارج المخبر عنه أو لا، فإن طابقه فهو صدق وإن لم يطابقه فهو كذب، ولا عبرة باعتقاد المخبر وذهب آخرون إلى أن بينهما واسطة، ثم اختلف هؤلاء على مذاهب:
أحدها: وبه قال الجاحظ: أنه يعتبر في الصدق المطابقة مع اعتقاد المخبر ذلك، وفي الكذب عدم المطابقة مع اعتقاد المخبر ذلك، فإن طابق مع