الرجل يكون عالماً بالسُّنَّة؛ أيجادل عنها؟ قال: «لا، ولكن يخبر بالسنَّة، فإن قبلتْ منه وإلا سكت». اهـ [1].
وهذا كلُّه في المخاصمة المذمومة، التي تنشأ عنها المفاسِدُ، حتى تتلاشى المصلحة في جنبها.
أما المجادلة بالتي هي أحسن، وهي: ما كان الحق فيها هدفاً للطرفين، ولم تشتمل على ما يخرجها عن هذا المقصد: فَنِعِمَّا هي، تُبِيْنَ الحقَّ، وتهدي السبيل، وترشد إلى مواطن الصواب [2].
وإذا حصلتِ المناظرة فحذار أن تكون سبباً للشقاق والنزاع، والعداوة بين الإخوان، وقلَّ أن تخلو مناظرة من هذا، نسأل الله العافية والسلامة.
قال يونس الصَّفدي: «ما رأيتُ أعقلَ من الشافعيّ، ناظرتُهُ يوماً في مسألةٍ ثم افترقنا، ولقيني فأخَذَ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإنْ لم نَتَّفِق في مسألةٍ؟».
قال الذهبي تعليقاً على هذه الحادثة:
«قلتُ: هذا يدلُّ على كمال عقلِ هذا الإمام، وفقهِ نَفْسِهِ، فما زال النُّظَراءُ يختلفون». اهـ [3]. [1] جامع بيان العلم وفضله 2/ 94. [2] وانظر لآداب المناظرة كتاب الخطيب البغدادي (الفقيه والمتفقه)، ص: 222، ط الامتياز. [3] سير أعلام النبلاء 10/ 16 - 17.