قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في «المسائل الماردينية» [1] في معرض الكلام على التكفير:
«فأما التفريق بين نوعٍ وتسميته: مسائل الأصول، وبين نوعٍ آخر وتسميته: مسائل الفروع: فهذا الفرق ليس له أصلٌ، لا عن الصحابة، ولا عن التابعين لهم بإحسان، ولا عن أئمة الإسلام، وإنما هو مأخوذ من المعتزلةِ وأمثالهم من أهل البدع، وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم، وهو تفريقٌ متناقضٌ.
فإنه يقال لمن فرَّقَ بين النوعين: ما حدُّ مسائل الأصولِ التي يكفَّرُ المخطئ فيها؟ وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع؟
فإن قال: مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد، ومسائل الفروع هي مسائل العمل.
قيل له: تنازع الناس في محمدٍ صلى الله عليه وسلم هل رأى ربه أم لا؟ وما كفّر فيها أحدٌ بالاتفاق، ووجوب الصلاة والصيام والزكاة والحج هي مسائل عملية، والمنكر لها يكفَّر بالاتفاق.
وإن قال: الأصول هي المسائل القطعية.
قيل له: كثير من مسائل العمل قطعية، وكثير من مسائل العلم ليست قطعية، وكون المسألة قطعية أو ظنية هو من الأمور الإضافية.
وقد تكون المسألة عند رجلٍ قطعية لظهور الدليل القاطع له، كمن [1] ص: 788، ط آل ثاني، الملحقة بالكافي.