اسم الکتاب : فصول البدائع في أصول الشرائع المؤلف : الفناري الجزء : 1 صفحة : 314
من ظهره وظهر أولاده حسب ما يتوالدون في أدني مدة كموت الكل بالنفخة الأولى وحياتهم بالنفخة الثانية فقيل صاروا حينئذ أصنافًا ثلاثة سابقون هم المقربون سبق لهم نور يحبهم فانجذبوا بشر أشرهم إليه بتجريد يحبونه ثم أصحاب الميمنة هم الأبرار الممتثلون بقوله تعالى {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} (هود: من الآية 112) ثم أصحاب المشئمة الذين جوابهم بلى لا عن رغبة واختيار بل عن هيبة ووقار وعند المؤولين عهد استعير به تمثيلًا عن نصب أدلة المعرفة والوحدانية لهم وتركهم بحيث يصلح للاستدلال عليهما والاقرار بهما ورئيسهم صاحب الكشاف ليناسب مذهبه في أن التكليف بالعقل قال الرازي فاتفقت المعتزلة أن الحديث لا يصلح مفسرًا للآية ووفق البيضاوي بأن المراد من بني آدم هو وأولاده جعله اسمًا للنوع كالبشر ومن الإخراج توليد بعضهم عن بعض على مر الزمان واقتصر في الحديث على ذكر الأصل وذكر الشيرازي رحمه الله بينه وبينهم ميثاقين أحدهما لما يهتدي إليه العقول بنصب الأدلة وذا في الآية وثانيهما لما لا يهتدي إليه من الواردات الشرعية التي تتوقف على توقيف الأنبياء عليه فأخبر في الحديث بذلك في جواب سؤال الصحابة عن الميثاق الحالي جريًا على الأسلوب الحكيم وأيًا ما كان ففط الآية دلالة أن فهيم وصفًا به أهلية الإجابة والاستجاب قيل فهو العقل وإليه يشير ظاهر كلام أبي زيد رحمه الله أن يشمل العقل الهيولاني وإلا صح أن للعقل مدخلًا فيه وليس عينه بل هو خصوصية الإنسان المعتبر فيها تركيب العقل وسائر القوي والمشاعر لا كالملك وسائر الحيوانات وبذا اختص بقبول الأمانة المعروضة فإن استعير بالعهد عن تلك الخصوصية فالذمة في قولهم وجب في ذمته حقيقة العهد كما ذهب إليه فخر الإِسلام فأريد بها فيه نفس ورقبة لها عهد أي باعتباره كما فسره بها تسمية لها باسم أكل وهو المطابق لما عبر عنها بالعنق في قوله تعالى {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} (الإسراء: من الآية 13) أي جعلنا القضاء والقدر المسببين للخيًر والشر أو عمله الذي هو وسيلة الخير والشر لا زمالة لزوم القلادة للعنق فإن الطائر لتيمن العرب بسنوحه وتشأمهم بتروحه يستعار به لسبب الخير والشر ففيه تمثيل مبني على الاستعارة المصرحة أو حقيقة في الخارج من العمل من طار السهم أي خرج وأياما كان ففيها دلالة أن في الإنسان وصفًا وخصوصية بها التزمه إذ ليس المراد إلزامًا بدون التزامه لما يفهم من سياق الآيتين كما ظن فاعترض بجواز الاستدلال حاصل بمثل أقيموا الصلاة مع أنا بصدد إثبات وجود ما به التكليف العام وهو المراد يحمله الأمانة أي الطاعة أو التكليف في آية العرض سواء فسر بحقيقته
اسم الکتاب : فصول البدائع في أصول الشرائع المؤلف : الفناري الجزء : 1 صفحة : 314