اسم الکتاب : فصول البدائع في أصول الشرائع المؤلف : الفناري الجزء : 1 صفحة : 203
فأما لفعل غير كف فإن تسبب تركه للعقاب أيضًا فواجب، وإلا فندوب وإما لفعل هو كف فإن تسبب المكفوف عنه للعقاب أيضًا فحرام وإلا فمكروه وإن لم يكن طلبًا فإن كان تخييرًا بين الفعل والكف فإباحة وإلا فوضعي وقد علم به حد كل واحد منها كما أن الوجوب خطاب هو طلب فعل غير كف يتسبب تركه للعقاب والواجب هو ذلك الفعل وتقييد الترك بجميع الوقت غير لازم لأن تسبب الترك في الجملة للعقاب متحقق في الموسع بل مفسد لأن ترك المضيق في جزء سبب للعقاب إلا أن يقال المترك في الجزء عين المتروك في الكل وهو تأويل وكون المراد بالفعل مأخذ صيغة الطلب أو بالكف مدلول صيغته قرينة الشهرة لا يرد ورود كف نفسك عن الزنا طردًا على الحرمة وعكسًا على الوجوب وعكسه لا تكفف عن الصلاة إذ ليس لهما صيغة مخصوصة فحدهما حينئذ لا يتناولان نحو كتب عليكم الصيام وحرم عليكم الميتة اللهم إلا بعد تأويلهم بالأمر والنهي إما كونه وجوبًا وحرمه بالاعتبارين فيقتضى إرادة قيد الحيثية في تعريفهما وتداخل هذه الأقسام وإن يكون غير كف في تعريف الوجوب زائد بل نحلا إذ لا يكون كف نفسك عن الزنا حينئذ وجوبًا بالنسبة إلى الكف وإن يكون لا تكفف عن الصلاة وجوبًا وحرمة بالاعتبارين ولم يقل بواحد أحد وقيل: الواجب ما يعاقب تاركه أي بحسب إمارته ويجوز التخلف عن الإمارة بالعفو فلا طعن بجواز العفو، وقيل: ما أوعد بالعقاب على تركه أي ذكر أمارة عقابه فلا طعن بأن الإيعاد صدق فيرد ما مر مع أن معارضة صدق الوعد بالعفو لمن يشاء بصدق الإيعاد يقدح في الاستلزام، وقيل: ما فيه خوف العقاب على تركه وأورد على طرده بغير الواجب في نفس الأمر الذي يشك وجوبه وعلى عكسه بالواجب في نفس الأمر الذي يشك في وجوبه وأجيب بأنا في صدد تعريف الأحكام التي يجب على المكلف العمل بها وهو تابع لظن المجتهد فكما إذا اعتقده يكون بالنسبة إليه واجبًا وإن لم يكنه في نفس الأمر كذلك عكسمه فكذا إذا شك لم يتعلق به الحكم وقال القاضي ما يذم تاركه شرعًا بوجه ما أي بنص الشارع على ذمة نحو {فويل للمشركين} الآية أو على دليل ذمه نحو من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر ومنه التسوية بينه وبين ما علم وجوبه ومواظبة الرسول بدون الترك أحيانا عندنا ولا يرد عليه النفل المتروك مع واجب لأن المفهوم من ترتيب الذم على المشتق عليه الترك وترك النفل ليس بعلة للذم في تلك الصورة ولا ما أوجبه الله ولم ينص بالذم ودليله لأن ما استوى عندنا لا يوصف بالوجوب كما ذكره الغزالي وإنما قال بوجه ما لئلا يبطل عكسه بالموسع فإن
اسم الکتاب : فصول البدائع في أصول الشرائع المؤلف : الفناري الجزء : 1 صفحة : 203