اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 521
وتوصلًا إلى تفصيل الكلام في التصرّفات القولية، وتمكناً من التحقق من مدلولاتها في اللسان العربي. ولكنّه يتّجه بنا اتجاهاً جديداً فيعود بنا من الطريقة التطبيقية إلى الطريقة الاستنتاجية، ويسلك بنا سبيل المبرد، ومن كان من الأقحاح في زمنه، متحولاً بذلك عن منهج ابن الأنباري وابن الشجري وأمثالهما.
فهو بوقوفه على كلام العرب نثره ونظمه، خطبه ورسائله، ودرسه لعيون الشعر ودواوين العرب وجمهرات نظمها، لاحظ في هذا التراث الواسع البديع ما شدّ انتباهه إلى بعض الاستعمالات التي لزمها القدامى وتعودوا عليها. وعجب من خلو كتب اللغة والأدب، لكثرة استعمالها، من الوقوف عندها لدراسة خصائصها، وبحث ما تتميّز به من أساليب في كتب البلاغة والنقد. وذهب يقرّر أن لشعراء العرب في كلامهم سُنناً لا يكادون يحيدون عنها، يتبع فيها المتأخِّر خطى المتقدِّم، بحيث يعدّ الإخلال بها حَيَدَة عن الطريقة المألوفة. وقبل أن يضبط بعض هذه السنن ويمثل لها بالشواهد الثابتة المعروفة، يذكر سمات عامة للشعر عند العرب. منها:
1 - افتتاحهم لكثير من أغراضهم في الشعر بالنسيب، وينبّه إلى موضع ذلك من معلّقات زهير والنابغة والأعشى ولبيد وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة، ويتقدّم الغزل أو النسيب قصائد المَدْح، كما في قصيدة علقمة يمدح الحارث الغساني:
طحا بك قلب في الحسان طروب ... بُعَيد الشباب عصرَ حان مشيب
وقصيدة كعب بن زهير:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيّم إثرها لم يُفدَ مكبول
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 521