اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 483
ففي ضبط رأي البصريين يقول: إن لفظ "اسم" مشتق من السُّمُو. وصف به مدلوله لاقترانه بالدلالة على العلمية. فالاسم في كلام العرب هو العلم، ولا توضع الأعلام إلا لشيء مهتم به. وفي هذا اعتداد بالأصل والغالب. وربما وضعوا الأعلام لغير ما يهتم به كفجار، عَلَمٌ للفجرة.
وأصل صيغة "اسم" عندهم من الناقص الواوي. وهو إما سِمْو كحِمل، وإما سُمْو كقُفل. ولم تعامل هذه الكلمة معاملة قاضٍ في الإعراب، وإن كانت هذه من الناقص اليائي، وجرى إعرابها مقدراً على الحرف المحذوف، أو لكثرة الاستعمال. وإنما كان إعرابها على الحرف الباقي في الكلمة ساكناً بعد حذف اللام للتخفيف، فنقلوا سكونه للمتحرك قبله وهو أول الكلمة، وجعلوا همزة الوصل للنطق بالساكن. وباجتلاب الهمزة هذه قضوا غرضاً ثانياً هو عودة الكلمة إلى صيغة الثلاثي، احترازاً من بعض الثقل الحاصل في الكلمة الباقية على حرفين كـ (يد) و (دم).
ومن الدلائل الثابتة عندهم على كون الاسم في الأصل ناقصاً ورود تصاريفه الكثيرة كاشفة عن ذلك الأصل مثل جمعه على أسماء أفعَال، وجمعه على أسامي أفاعيل وهي جمع الجمع، وتصغيره على سمي، وأن الفعل منه سَمَّيت. وقد ورد في كلام العرب سُمًى كهدى على فُعَل كرطب، وانقلبت الواو المتحركة فيه ألفاً إثر الفتحة. وعلى هذا قول الراجز:
والله أسماك سُمًى مباركا ... آثرك الله به إيثاركا
ونازع ابن يعيش في هذا الوجه الأخير. وقال: لا حجة له في بيت الراجز لاحتمال كونه لغة مَن قال: سُم، والنصب فيه نصب
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 483