اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 405
يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [1] لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [1].
ولم يمنع اشتغال المؤلف ببيان مواضع الإشكال في الخبرين ومحاولته دفعه من أن يمضي على ما التزمه من تحقيق النصوص التي بين يديه، ينظر في الحديث السادس من الباب وهو حديث أنس: أكثر عليه جماعة من السؤال فرأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الغضب في وجهه - صلى الله عليه وسلم -. فبرك على ركبتيه فقال: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، قال: فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال ذلك، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أولى، والذي نفسي بيده ... " الحديث.
ولفت ما في النُّسخ كتابةُ أولى بالإمالة، فدلّ ذلك على أنها ليست مركبة من "أو" العاطفة و"لا" النافية. فلا اعتداد بزعم من قال بذلك. ولكنها أولى التفضيلية من الولْي تجيء بها العرب في مقام التحذير، والتهويل ومنه قوله عز وجل: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [2].
فمن هذه الأمثلة التي استعرضناها من الكشف والنظر الفسيح يتضح لنا المنهج العاشوري في تأمّلاته وملاحظاته وتعليقاته وتحريراته، وهو وإن قام على أسس المطالعة الواسعة والعلم التام بما كتبه الشيوخ في مختلف الجوانب التي تتصل بنص الحديث، فإنه يرتكز دون شك على النظر الدقيق والقدرة على اختراق الأشكال والصور، بل على استخدامها والاستلهام منها لجواهر المعاني وأبعاد الإيحاء للنصوص الشريفة من السنة النبوية التي شغلت نفسه وخالطت لبه وملأت رُوْعَه وقلبه.
* * * [1] قيل: خلط في قراءتها عبد الرحمن بن عوف، وقيل: علي. الطبري: 8/ 376، 9524، 9525؛ النساء: 43. [2] القيامة: 34 - 35؛ النظر الفسيح: 364 - 368.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 405