اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 39
مكان بقيت به أثارة من العلم الإسلامي. فإنه لا سبيل إلى تغيير الوضع القائم إلا بالقضاء على الانحراف والتقصير في القيام بالواجب. وبهذه الجهود الإصلاحية يكون لزاماً على الأمة أن تعود إلى كتاب ربها وسُنة رسولها، ويعود المعهد إلى القيام بدوره الرائد بتكوين علماء عارفين من جهة بالأصول الإسلامية، والأحكام الشرعية، والآداب الدينية، واتخاذ الطريق المحقق للسموّ الأخلاقي والكمال المعرفي. ومن جهة ثانية بإتقانهم للغتهم العربية وآدابها، وما يمكن أن يحصلوا عليه من إحاطة بتاريخ الأمة وتصوّر دقيق لأوضاعها.
وإن تاريخ الزيتونة ليشهد بأن هذا المعهد لم يخلُ في أي عصر من العصور من سعي حثيث إلى تكميل مدارك خريجيه تكميلاً يؤهلهم لمسايرة أحوال مجتمعاتهم وتوجيهها. ونحن اليوم في عصر يكاد يكون المجتمع الإنساني فيه واحداً في أي قطر من الأقطار؛ بسبب ثورة المواصلات والاتصالات المتنوعة المتطورة. ولهذا أثره في ارتباط حاجات الناس ومصالحهم بعضهم مع بعض. ولا يتم لهم هذا الغرض إلا إذا تأتّى لهم الصعود في جو الثقافة الإنسانية إلى مرتقى لا يقعد بهم عن مجاراة أرقى الأمم إحاطة بجوانب الحياة السعيدة .. وهذا بالقطع ما نادى به الشيخ ابن عاشور من جعل ما كان يطلب من العلوم تكملةً لموادها في عداد الواجب.
ورغم المعارضات الكثيرة التي قامت في وجه الإصلاح من طرف بعض أعضاء الحكومة، ومن العناصر المحافظة، جرت مفاوضات كثيرة في لجان الإصلاح، وتمَّ ما عمل من أجله الإمام من تقسيم التعليم الثانوي بالزيتونة إلى شعبتين أصلية ومعاصرة.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 39