اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 306
لنجاحه الأثر الكبير في نفوس المواطنين، وفي نفوس رجال الفكر والعلم الإسلامي، مما دعا أحد كبار شعراء مصر بعد فترة من الزمن أن يشيد في بعض قصائده بهذه المعاني قائلاً:
قم كرّم الزيتونة العظمى وقل ... لَيكادُ يشرق في حماك حراء
* * *
كم طاهر أو فاضل ملأوا الدنا ... عِلماً تقصَّى خطوَه الفقهاءُ
فإذا بفيضهم الصدور حفيلةٌ ... وإذا بنورهم العقول وِضاءُ
يا أخت أزهرنا الشريف سلمتما ... قُدْسَين تقصُر عنكما الغماءُ
تحميكما وتشدُّ من أزريكما ... يَس والفرقان والإسراءُ
وقد زاد من التفاف الناس حول الزيتونة ما قامت به هذه المؤسسة على مدى ألف وثلاثمائة سنة من الحفاظ على المقومين الأساسيين للملة: الدين الحنيف واللغة العربية، وما كان من انتشار فروعها في الآفاق وتعهدِ الإمام الأكبر بمراقبتها وتغيير أوضاعها ورفعها إلى المستوى اللائق والمطلوب، لتصبح منارات هداية ومنابع علم ومعرفة؛ ثم توزع أبناؤها وخريجوها بين طبقات الشعب كلها معلمين، وفقهاء ومدرسين، وقضاة ومحامين، وتجاراً وفلاحين، وأصحاب صناعات، حتى إنك لا تكاد تجد بيتاً من البيوت في تونس أو غيرها من العواصم والمدن والقرى إلا وله نسبة أو أدنى نسبة بذلك الجامع الأعظم تربطه به وتشدّه إليه.
وتوغل التونسيون في النزعة القومية في أعقاب الحرب العالمية الثانية بفضل قيام الجامعة العربية. ونما الشعور لديهم بوجوب العمل من أجل إقامة الجامعة الإسلامية. وبدأت مظاهر ذلك ودلائله، فانفصلت الحركة السياسية التونسية عن التبعية للحزب الاشتراكي الفرنسي، وقامت الحركة الوطنية في أوجها مستقلة، يسندها ويدعو
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 306