اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 287
جرى لهم سنة آدمية. وقد بدأ تدوينه مع عصر النهضة حين أحسّ الناس بالحاجة الأكيدة إلى وزان مستقبلهم بماضيهم.
وقد تجلّى هذا الأمر عند العرب من أقدم العصور في أشعارها. فهي ديوانها ومجتلى أخبارها ومفاخرها ومحامدها. ثم برزت حقائق التاريخ ووقائعه وأحداثه في ما تضمنه القرآن الكريم من قصص الأمم الخالية والشعوب الماضية. وألّفت بعد ذلك أنواع من كتب التاريخ كالسير والتراجم أو المصنفات، مثل سيرة ابن هشام وتاريخ البخاري، وسجَلت حوادث الإسلام كما فعل الطبري في تاريخه، ودوّنت أحداث السياسة والوقائع كما في تاريخ المسعودي، وإن اقتصر صاحبه على سرد الوقائع، عَرِيًّا عن النظر في الغاية المقصودة وهي الاستعانة به في السياسة. وهنا يعتذر الشيخ رحمه الله لهذا المؤرخ عن تقصيره في هذا الجانب.
وأسباب ضعف علم التاريخ كما يراها المؤلف هي:
أولاً: إن المسلمين أَجِدَّاء في السياسة إذ لم يكن للعرب من قبل ملك. والسياسة إنما هي خلاصة التجارب المتولّدة عن معالجة أحوال الدول والحروب.
ثانياً: نسجه من الأساطير القديمة المعروفة بالميتولوجيا. وهي في غالبها متخيّلة بعيدة عن الواقع، مشحونة بالأغاليط والمبالغات. فلا تذكر أو تروى من أجل تصوير الماضي على حقيقته، ولكنه التفكُّه والأدب.
ثالثاً: سيطرة الوهم القديم على العقول بصرفها عن العناية بعلم التاريخ لخلوّه من المسائل الكليّة أي القواعد. وقد وقَر في نفوسهم أن ما خلا من القواعد ليس علماً ولا طائل من دراسته.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 287