اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 177
وظهر الأطباء والصيادلة والمهندسون الغربيون بمظاهر تفوّقهم في العلوم الطبيعية، وسبقهم في ميدان الحياة العملية. وفاضت على البلاد الثروات الأجنبية، بسعة معاملاتها وقوانينها الغربية المغرية. وبدأ نظام الدولة في الإدارة والقضاء يتطوّر بالاقتباس من الأساليب الغربية، وترك ما كان سائداً من الأحكام الشرعية والتقاليد القومية [1].
يقظة الشعب:
هنا توقّف الشعب والعلماء والحكام جميعاً، وأصابتهم هزة الاحتلال، وتملّكتهم الحيرة، واتجهوا جميعاً إلى تدارك الأمر، كلٌّ على شاكلته، وبالوجه الذي يراه ويختاره. فصرفوا عنايتهم إلى شتى المجالات يرعونها، ويبذلون الجهد لإصلاحها. وامتدت أيديهم إلى المدرسة الأم، المعهد الديني، جامع الزيتونة الذي أصابه الشلل، وأصبح غير قادر على تهيئة الخريجين لمواكبة التطوّرات الجديدة التي شملت كل جوانب الحياة، ولا على التقدّم بخطى دقيقة وموزونة للخروج بالبلاد من التخلّف، ولا على الصمود كثيراً أمام الاتجاهات الخطيرة.
وكان حتماً أن يحرِّك الإصلاحُ مشاعرَ الراشدين فيزيلون الفساد ويقضون على أسبابه في كل مجالات الحياة. فالإصلاح عند أهل اللغة هو إزالة الفساد أينما ظهر. وقد يتجاوز الإصلاح إلى التجديد والتطوير كما سيأتي. وجعل اللغويون وعلماء الاجتماع لمصطلح الإصلاح فرعين: أحدهما يتعلق بالفرد، وثانيهما بالأمة. وفصّل الشيخ ابن عاشور المصطلح بنوعيه الخاص والعام في كتابه أصول [1] محمد الفاضل ابن عاشور. الحركة الأدبية والفكرية بتونس: 24 - 25.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 177