اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 139
الذي نذر حياته للدرس، كَلِفاً به، ومقبلاً عليه، ير كيف حوّله القدر من التدريس ومن طلب طريق أمثاله من الشيوخ ذوي الرجاحة الفكرية والنباهة العلمية، إلى كتابة الدواوين، لما اشتهر من أمره، وذاع من قدراته على تملك صناعتي النثر والنظم وبراعته فيهما. وليس هذا بدعاً، فقد سبقه إلى هذا الميدان صفوة من أهل بيته. كان منهم جدُّه الأعلى الكاتب الشاعر الوزير الشيخ محمد بوعتور الذي كتب للمولى حسين بن علي مؤسس الدولة الحسينية. ثم تسلسلت مناصب الكتابة والرئاسة القلَمية في عقبه، حتى كانت الطبقة الواحدة من كتاب الدولة الحسينية تعد أربعة أو خمسة من آل بوعتور. وكان من بين هؤلاء جد مترجمنا الشيخ محمد الطيب كاهية باش كاتب في دولة حسين باي الثاني [1].
وهكذا جرى الحفيد على سنن ذويه وأجداده، فتولى الكتابة للمشير الأول أحمد باشا حين انتخبه لها من بين عدد كبير من نظرائه سنة 1262/ 1847. ثم اختاره كاتب سرّه يتلو عليه التقارير والحجج. وقد أشركه في ترتيب خزانته الأحمدية التي حبّس كتبها على طلاب الجامع الأعظم، لما حصل عليه من حيث النجابة ونصاب العلم [2].
ومن تنويه الشيخ أحمد بن أبي الضياف به قوله عنه استطراداً في ترجمة جده محمد الطيب بوعتور: "وأعقب أبناءً امتطى بعضهم صهوة الكتابة. وحفيده الآن هو شمس ضحاها، وقطب رحاها. ورئاستها مع الوزارة طوع بنانه، لو حظي بإعانة من طبع زمانه" [3]. [1] محمد الفاضل ابن عاشور. تراجم الأعلام: 142. [2] محمد النيفر. عنوان الأريب: 2/ 1007. [3] ابن أبي الضياف. الإتحاف: (2) 7/ 153.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 139