responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 128
وفي لهجة حزينة وقوية، فيها لهفة وحسرة، وإلحاح وشدّة في الطلب، كتب يقول لأقوام عن سنن عوائد الله يعمهون، وفي تيه اطِّراح الأسباب يهيمون. "قد بَرَّح الخفاء ولكن لا تفهمون {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [1]. أولئك قوم أتوا البيوت من أبوابها وأدمنوا القرع، ولن يجيب سبحانه سائلاً بلسانه القابلية بمنع. وإنما الحرمان أن تتَنكَّب السبل عن ضلة أو يأس، وقد قال سبحانه: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [2]. وما ظنّك بقوم استدارت رحاهم على قطب الجِدّ، وبَكْرَتُهُم على محور الكَدّ، واستمروا خلاف المريرة، واستمرؤوا المُرَّ ودقاريره. وصاهروا ببنات أفكار صعلوكهم أبناء أقيال ملوكهم، فتلقّحت أذهانهم، وتناسلت فنونهم وأفنانهم، واستنبتت قرائحهم، وتنافست موانحهم".
ثم يمضي في محض النصيحة: "ولقد تقرر لديك أن العدو إذا هجم مغيراً، أو عمّم أمير المؤمنين نفيراً، أنَّ الجهاد يكون إذ ذاك فرض عين، في هاتين الصورتين، وفي غيرهما يعدّ فرض كفاية، كما حققه أهل الدراية، وما لزمنا عن هاتين الصورتين من فسحة، فما لأحد من بنيه عن التعاليم الحربية من ندحة. فهي في الوجوب كمقاصدها، على رغم أنف جاحدها. ألم يبلغك في الآيات المتلوة، قوله عز شأنه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [3] أو ليس تلك التعاليم من القوة المستطاعة، فيتناولها أمر الوجوب وينظمها في سلك الطاعة؟! " [4].
* * *

[1] الزمر: 9.
[2] آل عمران: 140.
[3] الأنفال: 60.
[4] ديوان قابادو: 47 - 49.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست