responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 117
وحضارة، وعدل تزكو أنواره. تموج شوارعها بالساكن في مراكز الأمن ومضاجع العافية .. يقودهم الأمل، ويسوقهم الحرص على العمل" [1].
ولو حاسب المشير الأول نفسه، وهو يشاهد ما شاهده في رحلته الباريسية، لتأثّر لما تأثّر به وزيره وكاتبه خير الدين، وابن أبي الضياف، ولوقف أمام هذا التقابل البغيض الذي يثير في نفوسهم كلهم الشعور بالمرارة: "حضارةٌ زاهية زاهرة، وعدلٌ وأمن، وتقدّمٌ وعلم، وثروة ورخاء في البلد المزور، يقابلها من وراء البحر المتوسط تخلف وظلم واضطراب وجهل وفقر وشدّة". وطبيعي في مثل هذه الأحوال البحث عن الأسباب لتلافي الأمر وتغيير الحال.
ومن أجل تصوير ذلك نكتفي بومضات تتبعها لمحات، نرجو أن تكون صادقة معبّرة. فاعتناء الدول الصغيرة والبلاد الفقيرة مثلاً بجمع العساكر فوق الحاجة وترتيبها وتدريبها، وصرف كل العناية إليها طلباً للأبهة والمفاخرة، والتشبّه بالدول الكبيرة والبلاد الغنية، تضطر الملوك إلى إحداث ضرائب ومكوس تؤثّر نقصاناً كبيراً في ثروة الدولة. وليس من الحكمة القيام بمثل هذا، والدنيا اليوم مؤسّسة على الحقوق. وهذا العسكر الذي بالغ المشيرُ الأول في جمعه، إن كان لحماية المملكة ودَفعِ الأجنبي عنها فالمحقق أن ذلك لا يقع وهو مطلب لا طمع فيه، وإن أُعدّ لدفع الضرر داخل المملكة فالظاهر أنه أكثر من الحاجة، وإن سرّحنا البعض فلا مانع من جلبه في وقته [2].
وانتقد ابن أبي الضياف هذا الأمير عند ترجمته له، وشنّع

[1] ابن أبي الضياف. الإتحاف: (2) 4/ 110 - 111.
[2] المرجع نفسه: (2) 4/ 28 - 29.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست