اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 104
أعراضها؟ وما لاحظه في الفئة الثانية أو في بعض رجالها من جهل بالذي يحدث أو تجاهل له رغبة في إطلاق الرئاسة [1].
فإلى هاتين الفئتين خاصة، وإلى كل أفراد الأمة الإسلامية عامة، تقدم خير الدين بمشروعه الإصلاحي. فذهب إلى أبعد مما ذهب إليه قابادو حين ربط بين التقدم العمراني وبين العدل والحرية، مضيفاً إلى العناصر المادية التي نوّه بها قابادو، التنظيمات الدنيوية. وإنك لتعجب من هذا المفكر، وقد جمع بصورة لا نظير لها من قبل بين الأصالة والحداثة، بين الموروث العقدي والحضاري والفكري المتمثل في الإسلام وفي رجالاته كابن خلدون والماوَردي من جهة، وبين التطور العلمي والتقدم التقني اللذين تنطق بهما منجزات العصر الحديث من جهة ثانية [2].
انطلق خير الدين في بناء هذا المشروع من واقع أليم تردّى فيه المسلمون عامة؛ وذلك بما لحقهم من الشين والخلل في العمران والسياسة. أما الشَّين فبالاحتياج للغير في غالب الضروريات الدالِّ على تأخّر الأمة في المعارف، وأما خلل العمران فبعدم انتفاع صناع البلاد باصطناع نتائجها، الذي هو أصل مهم من أصول المكاسب، وأما الخلل السياسي فهو المتولد عن احتياج المملكة لغيرها. وهذا مانع لاستقلالها، مُوهن لقوّتها، لا سيما إذا كان متعلق الاحتياج الضروريات الحربية التي لو تيسر شراؤها زمن الصلح لا يتيسر ذلك وقت الحرب ولو بأضعاف القيمة [3].
وربما كان سبب ذلك كله فساد النظام وما يخالطه من جور وظلم [1] خير الدين. أقوم المسالك: (2) 1/ 120 - 121. [2] فهمي جدعان. أسس التقدم عند مفكري الإسلام: 129. [3] خير الدين. أقوم المسالك: (2) 1/ 128 - 129.
اسم الکتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : ابن عاشور الجزء : 1 صفحة : 104