اسم الکتاب : منهج الإمام تاج الدين السبكي في أصول الفقه المؤلف : أحمد إبراهيم حسن الحسنات الجزء : 1 صفحة : 174
[ثم ختم التاج السبكي المناقشة بقوله]: وإن كان رجوعه عن فعل السيئة بعد فعل مقدمتها لا لله، بل لعائق أو نحوه - وكثيرا ما يتفق ذلك - كتبت المقدمة عليه، كما يقول الشيخ الإمام والله أعلم، وهو المسئول أن يوفقنا لما يحب ويرضى.)) (1)
فهذه المناقشة ذكرتها مع طولها لترى كيف أن التاج السبكي لم يكن يأخذ كل كلام والده مسلمات، بل كان يناقش منه ما يحتاج إلى نقاش ويرد ما لا يراه قويا، وانظر ما ذكرته سابقا حول مناقشة التاج السبكي لوالده في دلالة حرف لو [2] واستذكرها هنا ليتأكد بها ما قررناه.
المبحث العاشر
تكاملية مصنفاته
التاج السبكي - كما ذكرت سابقا - كثيرا ما يشيد بمصنفاته المختلفة ويحبب القارئ إلى قراءتها ومطالعتها، وحتى يستقيم له ذلك كان رحمه الله تعالى كثيرا ما يحيل القارئ إلى مصنفاته الأخرى في بعض المسائل فحيث كان قد ذكرها وتوسع فيها في مكان ما من مصنفاته، فإنه لا يذكرها كلها في موضع آخر من كتاباته وإنما يذكرها مختصرة ويحيل القارئ إلى ذلك المصنف الذي أسهب فيه بها.
وهذا المنهج يدلنا على أن التاج السبكي يجعل مصنفاته كالمنظومة الواحدة، بمعنى أن مصنفاته متكاملة مع بعضها البعض، وكل منها يكمل الآخر، فما يفصله في موقع ما يجمله في مكان آخر، وما يجمله في هذا الموضع يفصله في الآخر وهكذا.
ومن الشواهد الدالة على ذلك:-
قوله بعد ذكره أمثلة على تنزيل اللفظ على المعنى الشرعي قبل العرفي: ((وأما الرجوع إلى العرف ففي مسائل تخرج عن حد الحصر وقد أتينا في كتابنا ((الأشباه والنظائر)) منها بالعد الكثير. (((3)
وقوله في مسألة الإباحة هل تستفاد من فعل النبي المجرد بعد ذكر الاستدلال بقوله تعالى: {لقد كانَ لكم في رَسُول الله أُسْوةٌ حسنة} [4] ((والحق عندي أن هذه الآية لا تدل لوجوب ولا ندب ولا إباحة كما قررته في ((شرح المنهاج)).)) (5)
وقوله في مسألة الإجماع السكوتي: ((ولقد أطلنا في ((التعليقة)) في مسألة السكوتي، ... وذكرنا ما لو رحل ذو الهمة لسماعه من بلد إلى بلد يحمد مسعاه وقد أوردنا هنا طرفا صالحا منه.)) (6)
وقوله معقبا على رأي القاضي الباقلاني بتردده في إفادة الخمسة للتواتر: ((وقد تكلمنا معه في ((التعليقة)) بما لا نطيل بإعادته.)) (7)
ومنها قوله في ((منع الموانع)) في مسألة نفي الحكم قبل ورود الشرع: ((ووقع في عبارات كثير من أئمتنا اختيار الوقف في هذه المسألة ... فهم يعنون في الوقف غير ما تعنيه المعتزلة من عدم الدراية ونحوها، وهذا قد قررناه في ((شرح المختصر)) فلا حاجة إلى الإعادة هنا.)) (8)
وقوله في ((منع الموانع)) عند الكلام على أن حقيقة الإكراه لا تنافي التكليف بعد بيانه لذلك: ((وهذا يزداد تحقيقا بعد تأمل ما سطرناه في ((شرح المختصر)) في النقض.)) (9)
(1) التاج السبكي، منع الموانع ص 275 - 279 بتصرف [2] انظر صفحة 56 من هذه الرسالة
(3) التاج السبكي، الإبهاج (1/ 366) [4] سورة الأحزاب آية 21
(5) التاج السبكي، رفع الحاجب (2/ 120)
(6) المرجع السابق (2/ 217)
(7) المرجع السابق (2/ 303)
(8) التاج السبكي، منع الموانع ص 98
(9) التاج السبكي، منع الموانع ص 104
اسم الکتاب : منهج الإمام تاج الدين السبكي في أصول الفقه المؤلف : أحمد إبراهيم حسن الحسنات الجزء : 1 صفحة : 174