اسم الکتاب : منهج الإمام تاج الدين السبكي في أصول الفقه المؤلف : أحمد إبراهيم حسن الحسنات الجزء : 1 صفحة : 161
وقد اتبع التاج السبكي ذلك في كتاباته كلِّها ومن بينها كتاباته في أصول الفقه، ومن هنا تميَّز التاج على غيره من الشراح، فالشراح لا يتعرَّضون غالباً لصناعة الحديث في مؤلفاتهم الأصولية، بخلاف التاج السبكي ففي شرحيه لا تكاد تجده يمرُّ بحديثٍ إلا وتكلَّم عليه، وقد صرَّح التاج باتباعه هذا المنهج في مقدمة كتابه ((رفع الحاجب)) فقال: ((ومع الكلام على أحاديثه [أي مختصر ابن الحاجب] مما تقتضيه صناعة الحديث.)) (1)
ومن الشواهد الدالة على ذلك:-
أولاً: من الشواهد الدالة على اكتفائه بنسبة الحديث إلى مخرجيه:
1 - قوله في مبحث الإيماء في مسالك العلة بعد ذكر أمثلة على الإيماء: ((الأول: أن يدفع السؤال في صورة الإشكال بذكر الوصف كما روي أن عليه السلام امتنع من الدخول على قوم عندهم كلب فقيل إنك تدخل على بني فلان وعندهم هرة فقال عليه السلام: {إنها ليست بنجسة، إنها من الطوافين عليكم والطوافات} [قال التاج السبكي معقبا:] رواه الأربعة أصحاب السنن)) (2)
2 - قوله في مسألة وقوع المترادف رادا على من زعم عدم الوقوع: ((وذلك الردُّ عليهما أيضاً بما في سنن أبي داود [3] والترمذي [4] وابن ماجة [5] من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: {كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء، فمرت سحابة فقال رسول الله صلى الله عليه ... وسلم:" أتدرون ما هذا؟ " فقلنا: السحاب، قال:" والمزن "، قلنا: والمزن، قال:" والعنان، ... } الحديث)) (6)
ففي هذه الأمثلة اكتفى التاج السبكي ببيان رواة هذه الأحاديث ولم يبين لنا مدى صحتها أو ضعفها لديه.
ثانياً: من الشواهد الدالة على كلامه على الأحاديث صحة وضعفا:
1 - قوله في حُجَّة الإجماع ردَّاً على من زَعم عدمَ حجيته بسبب اختلاف الصحابة: ((وروى نعيم بن حماد الخزاعي عن عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر ... مرفوعا: {سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي فأوحى إلي يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم بعضها أضوأ من بعض، فمن أخذ بشيء مما هم عليه على اختلافهم عندي فهو على هدى} [7] [قال التاج السبكي معقِّبا على هذا الحديث]:وهذا حديث قال فيه أحمد لا يصح، ثم إنه منقطع فابن المسيب لم يسمع من عمر شيئا.)) (8)
ففي هذا المثال بيَّن لنا التاج السبكي عدم صحة الحديث بقول الإمام أحمد ولكونه منقطعا بسبب الانقطاع بين ابن المسيب وعمر رضي الله عنه.
(1) التاج السبكي، رفع الحاجب (1/ 238)
(2) التاج السبكي، الإبهاج (3/ 50) [3] رواه في كتاب السنة برقم 4100 [4] رواه في كتاب تفسير القرآن عن رسول الله 3242 [5] رواه في كتاب المقدمة برقم 189
(6) التاج السبكي، رفع الحاجب (1/ 365 وما بعدها) [7] حديث قدسي رواه الديلمي في الفردوس (2/ 310)، (4/ 460) وقال عنه المناوي في فيض القدير (4/ 76) أن إسناده واه
(8) التاج السبكي، الإبهاج (2/ 378)
اسم الکتاب : منهج الإمام تاج الدين السبكي في أصول الفقه المؤلف : أحمد إبراهيم حسن الحسنات الجزء : 1 صفحة : 161