responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إثبات صفة العلو المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 183
حِجَازًا وَعِرَاقًا وَمِصْرًا وَشَامًا وَيَمَنًا، فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ [1] وَالْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِجَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَالْقَدَرُ خَيْرُهُ وَشَرُّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ بِلَا كَيْفٍ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا {لَيْسَ

[1] هذا هو مذهب السلف الذي يتفق مع الأدلة الشرعية، إن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالجوارح، وأن هذه الأمور الثلاثة أركان فيه، كما قال الفضيل بن عياض -رحمه الله- وقد سئل عن الإيمان: الإيمان عندنا داخله وخارجه الإقرار باللسان، والقبول بالقلب، والعمل به. انظر: السنة للإمام أحمد ص 74.
ويقول الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: "كان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان والعمل، العمل من الإيمان، والإيمان من العمل، ... فمن آمن بلسانه، وعرف بقلبه، وصدق بعلمه، فتلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه، ولم يعرف بقلبه، ولم يصدق بعمله، كان في الآخرة من الخاسرين، وهذا معروف عن غير واحد من السلف والخلف، أنهم يجعلون العمل مصدقا للقول". كتاب الإيمان ص 142.
وممن قال من السلف بهذا القول: الأئمة الثلاثة: أحمد بن حنبل، ومحمد بن إدريس الشافعي، ومالك بن أنس، وغيرهم من الأئمة، كسفيان الثوري، والأوزاعي، وابن جريج، ومعمر بن راشد وغيرهم. انظر: فتح الباري لابن حجر 1/47. وأدلتهم في ذلك من الكتاب والسنة كثيرة جدا ليس هذا موضع بسطها.
وكما قال السلف بأن هذه أركان للإيمان، فقد قالوا بزيادته ونقصه، زيادته بالطاعة ونقصانه بالمعصية، كما ذكر الإمام النووي في شرح مسلم عن عبد الرزاق أنه قال: سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا، سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر، والأوزاعي، ومعمر بن راشد، وابن جريج، وسفيان بن عيينة يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وهذا قول ابن مسعود، وحذيفة، والنخعي، والحسن البصري، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وعبد الله بن المبارك. انظر: شرح مسلم 1/146.
وذكر الإمام ابن تيمية -رحمه الله- عن أبي الدرداء قوله: الإيمان يزيد وينقص، وقوله: إن من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه، ومن فقه العبد أن يعلم: أيزداد إيمانه أم ينقص، وإن من فقه العبد أن يعلم نزعات الشيطان أنى تأتيه. انظر: الإيمان لابن تيمية ص 186. بقي أن نعرف من خالف في ذلك وهم المرجئة على اختلاف أصنافهم، فمن قائل: إن الإيمان قول باللسان فقط، وهم الكرامية ومن وافقهم، ومن قائل: المعرفة بالقلب فقط، على تفاوت بينهم في مدى اعتبار العمل، إلا الكل يتفق على أنه ليس ركنا في الإيمان، وأن الإيمان يزيد ولا ينقص. انظر: مقالات المرجئة في الملل والنحل للشهرستاني ص 141-145. والفرق بين الفرق للبغدادي ص 202.
إلا أن أكثر فرق المرجئة تطرفا تلك الفئة التي حكى الآجري قولها: إن من قال لا إله إلا الله، لم تضره الكبائر أن يعملها، ولا الفواحش أن يرتكبها، وإن البار التقي الذي لا يباشر من ذلك شيئا، والفاجر يكونان سواء. انظر: الشريعة للآجري ص 147.
وهؤلاء هم الذين اشتهر قولهم: لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. انظر: لوامع الأنوار البهية للسفاريني 1/42، ونهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني ص 471.
فهؤلاء -كما ترى- يذهبون مذهبا إباحيا يدعو إلى الغواية والفجور، ونبذ تعاليم الإسلام. نسأل الله العافية.
اسم الکتاب : إثبات صفة العلو المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست