اسم الکتاب : إثبات صفة العلو المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 167
79- وَقَالَ حَنْبَلٌ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} ، وَ {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ} ، قَالَ: عِلْمُهُ [1] ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، عِلْمُهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، عَلَّامُ الْغُيُوبِ، يَعْلَمُ الْغَيْبَ، رَبُّنَا عَلَى الْعَرْشِ بِلَا حَدٍّ وَلَا صِفَةٍ [2] .
80- وَرُوِيَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى الْبَغْدَادِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَقُدْرَتُهُ وَعِلْمُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، عَلَى الْعَرْشِ (وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ) [3] ، لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ [4] . [1] في الأصل: (علمه علمه) بالتكرار. [2] أورده ابن تيمية في شرح حديث النزول ص 127، ط. الخامسة، سنة 1397هـ، المكتب الإسلامي، والذهبي في العلو ص 130، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 135. [3] من (هـ) . [4] أورده الذهبي في العلو ص 130، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 135، وعزاه إلى الخلال في كتاب السنة.
وقد بسط الإمام أحمد -رحمه الله- الكلام على معنى المعية في كتابه الرد على الجهمية ص 140-144.
كما أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية معنى المعية في هاتين الآيتين خاصة، وفي كل ما ورد من لفظ المعية في كتاب الله تعالى، فأوضح أن المعية معيتان: معية عامة، وأخرى خاصة، وضرب لذلك أمثلة مما ورد في القرآن الكريم، فقال -رحمه الله-: ولفظ المعية في كتاب الله جاء عاما كما في هاتين الآيتين، وجاء خاصا كما في قوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} النحل/ 128. وقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} طه/ 46، وقوله: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ، التوبة/ 40، فلو كان المراد أنه بذاته مع كل شيء، لكان التعميم يناقض التخصيص، فإنه قد علم أن قوله: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} أراد تخصيصه وأبا بكر دون عدوهم من الكفار، وكذلك قوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} النحل/ 128، خصهم بذلك دون الظالمين والفجار، وأيضا فلفظ المعية ليست في لغة العرب ولا شيء من القرآن أن يراد بها اختلاط إحدى الذاتين بالأخرى، كما في قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} ، الفتح/ 29،
اسم الکتاب : إثبات صفة العلو المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 167