العصر شأن وأي شأن[1]، وحسبك دليلا على ذلك ما كان من "حنين بن إسحاق" الذي كان يأخذ من المأمون ذهبا بوزن كل كتاب ينجز ترجمته[2].
وقد كان لهذه الترجمة آثار سلبية على المجتمع الإسلامي، من فساد في العقيدة، وانحلال في المجتمع، بما أتت من فلسفات بعيدة عن منهج الإسلام، الأمر الذي أحدث بلبلة فكرية، وأنشأ طوائف زائغة عن العقيدة الإسلامية الصحيحة، ومن تلك الطوائف طائفة المعتزلة التي ابتلت الأمة حينذاك بسببها بمحنة خلق القرآن في سنة 218 هـ.
وقد أدى انتشار تلك الفلسفات وتأثيرها على عقائد المسلمين ردة فعل من قبل علماء السلف، الذين نهضوا لخدمة الكتاب والسنة، والدفاع عن العقيدة الصحيحة، فاخترعوا علوم القرآن، لخدمة القرآن ودونوا علوم الحديث لخدمة السنة المطهرة، كما قاوموا حركة الوضع في الحديث والطعن فيه، ودافعوا عن العقيدة الصحيحة، فألفوا كتبا كثيرة في التوحيد، والسنة، والرد على المخالفين من المعتزلة، والجهمية، والروافض، كما نشطوا في تدوين الفقه وأصوله، وتركوا ثروة علمية ضخمة تدل على رفعة العلم وانتشار الثقافة في زمانهم. [1] انظر: "العصر العباسي الأول": ص 110- 114.
2 "الأعلام" للزركلي: (2/ 325) .