واذا قالوا هو مفتقر إليها، قيل: أتريدون بالافتقار أنه مفتقر إلى فاعل يفعله، أو محل يقبله، أم تريدون أنه مستلزم لها فلا يكون موجودا ألا وهو متصف بها.
أما الثاني فأي محذور فيه، وأما الأول فباطل إذ الصفة اللازمة للموصوف لا يكون فاعلا لها[1].
وأما قولهم: "إنه لو كان صفة لاإ ن مركبا، والمركب مفتقر إلى جزأيه"، فهذا القول لا يتم إلا عند من يثبت الجوهر الفرد، وأما نفاته فعندهم أن الجسم في نفسه واحد بسيط ليس مركبا من الجواهر المنفردة، وهذه المسألة خلافية، قد "توقف فيها أذكى المتأخرين من الأشعرية، وإمامهم أبو المعالي الجويني[2]، وكذلك أذكى متأخري المعتزلة أبو الحسين البصري[3]، وكذلك الرازي[4]، فهي مقدمة [1] انظر: "منهاج السنة": (1/ 188- 191) بتصرف. [2] هو إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، ولد بنيسابور سنة 419هـ، وتوفي بها سنة 478 هـ، من أعظم أئمة الأشاعرة، تتلمذ عليه الغزالي.
انظر ترجمته في: "تبيين كذب المفتري": ص 278، "طبقات الشافعية": (4/249 - 282) . [3] هو أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري، من متأخري المعتزلة، ومن أئمتهم، توفي سنة 436 هـ.
انظر: "الملل والنحل": (1/ 130- 131) ، لسان الميزان: (5/ 598) . [4] هو أبو عبد الله فخر الدين محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري الرازي، ويعرف بابن الخطيب، وبابن خطيب الري، ولد سنة 544 هـ، وتوفي سنة 606 هـ، من أئمة الأشاعرة الذين مزجوا المذهب الأشعري بالفلسفة والاعتزال.
انظر ترجمته في "وفيات الأعيان": (1/ 381- 385) ، "شذرات الذهب": (5/ 21) ، "طبقات الشافعية": (5/ 33- 41)