حتى أنه قد آل ببعضه هؤلاء المعطلة إلى نفي ذاته خشية التشبيه، فقالوا: هو وجود محض لا ماهية له، ونفى آخرون وجوده بالكلية، خشية التشبيه- على حد زعمهم- حيث قالوا: يلزمنا في الوجود ما يلزم مثبتي الصفات والكلام والعلو، فنحن نسد الباب بالكلية[1].
وسوف نتعرض في هذا المبحث لبعض أسس تلك الشبه العقلية المزعومة، التي جعلها هؤلاء المعطلة مستندا لهم في نفي صفة العلو وغيرها من الصفات، ونبين ما فيها من مخالفة لكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مع بيان ما في تلك الأسس من تناقض، وبخاصة من الناحية العقلية.
ونظرا لتعدد مذاهب المعطلة واختلاف بعضها عن بعض في القول والرأي، فسوف نعرض شبهة كل فرقة من الفرق السابقة الذكر على حدة فنبدأ:
أولا: شبهة الفلاسفة2:
الفلاسفة ينفون صفة العلو، وباقي صفات البارئ- عز وجل- كما سبق وأن ذكرنا، تحت دعوى التوحيد، والتنزيه عن مشابهة المخلوقين، فابن سينا يقول: "إن واجب الوجود بذاته واحد بسيط لا تكثر فيه بوجه من الوجوه، فهو ليس بجسم، ولا صورة جسم، ولا مادة معقولة لصورة معقولة، ولا صورة معقولة في مادة معقولة، ولا له قسمة في
1 "مختصر الصواعق": (1/ 285) .
2 أقصد بهم فلاسفة المسلمين كابن سينا، والفارابي.