responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناقب النساء الصحابيات المؤلف : المقدسي، عبد الغني    الجزء : 1  صفحة : 60
7 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنْبَأَ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَنْبَأَ -[61]- مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ النَّحْوِيُّ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَسْلَمِيُّ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ ضُمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " دَخَلَ أَبِي عَلَى أُمِّ عُمَارَةَ، فَرَأَيْتُ يَدَهَا مَقْطُوعَةً، فَجَعَلَتْ تَمْسَحُ عَلَى رَأْسِي، وَبَرَّكَتْ عَلَيَّ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَنِي أَبِي عَلَيْهَا لِذَلِكَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ، ثُمَّ بَلَغْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ ابْنِهَا عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ وَذَكَرْتُ يَدَهَا، وَأَخْبَرْتُهُ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَيْهَا فَمَسَحَتْ رَأْسِي بِيَدِهَا الْمُصَابَةُ، فَقَالَ عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ: رَحِمَهَا اللَّهُ، فَقُلْتُ: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَرَجَتْ فِي الرِّدَةِ غَيْرَهَا؟ فَقَالَ: لا، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَهَا حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ كَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِعُمَانَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ عُمَانٍ، فَسَمِعَ بِهِ مُسَيْلَمَةُ فَاعْتَرَضَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَسَبَقَهُ.
وَكَانَ عَمِّي حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الأَسْلَمِيُّ فِي السَّاقَةِ، فَأَصَابَهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا: أَتَشْهَدَانِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَأَقَرَّ الأَسْلَمِيُّ بِمَا قَالَ، فَأَمَرَ بِهِ فَحُبِسَ فِي حَدِيدٍ، وَأَمَّا عَمِّي فَقَالَ لَهُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: " لا أَسْمَعُ "، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِّعَتْ يَدُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: لا أَسْمَعُ، حَتَّى قَطَّعَهُ عُضْوًا عُضْوًا، فَقَطَعَ يَدَيْهِ مِنَ الْمَنْكَبَيْنِ، وَرِجْلَيْهِ مِنَ الْوِرْكَيْنِ، فَقَالَ: أَتْشَهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لا أَسْمَعُ، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَرَقَهُ بِالنَّارِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتْشَهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: لا أَسْمَعُ، فَتَرَكَهُ فِي النَّارِ حَتَّى مَاتَ.
فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ جَدَّتِي أُمُّ عُمَارَةَ عَاهَدَتِ اللَّهَ: إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ لا أَكْذِبُ عَنْهُ أَوْ أُقْتَلُ دُونَهُ.
فَلَمَّا تَهَيَّأَ بَعْثُ خَالِدٍ إِلَى الْيَمَامَةِ جَاءَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَتْهُ لِلْخُرُوجِ، فَقَالَ: مَا مِثْلُكِ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُرُوجِ، وَقَدْ عَرْفَنَا جَزَاءُكِ فِي الْحَرْبِ، فَاخْرُجِي عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَأَوْصَى خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَا، وَكَانَ مُسْتَوْصِيًا بِهَا -[62]- مُتَعَاهِدًا لَهَا، فَلَمَّا انْتَهُوا إِلَى الْيَمَامَةِ وَاقْتَتَلُوا تَدَاعَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَئِذٍ: أَخْلِصُونَا أَخْلِصُونَا.
قَالَتْ: قَلَّمَا انْتَهْيَنَا إِلَى بَابِ الْحَدِيقَةِ لَمْ يَخْلُصْ، حَتَّى قُلْتُ: لا يَخْلُصُ، وَازْدَحَمْنَا عَلَى البَابِ، وَأَهْلُ النَّجْدَةِ مِنْ عَدُوِّنَا فِي الْحَدِيقَةِ قَدِ انْحَازُوا يَكُونُونَ فِيهِ لِمُسَيْلَمَةَ، فَأَقْحَمْنَا فَضَارَبْنَاهُمْ سَاعَةً، وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ مَا رَأَيْتُ قَوْمًا أَبْذَلُ لِمُهَجِ أَنْفُسِهِمْ مِنْهُمْ، وَجَعَلْتُ أَقْصِدُ لِعَدُوِّ اللَّهِ مُسَيْلَمَةَ لا أَرَاهُ، وَقَدْ عَاهَدْتُ اللَّهَ إِنْ رَأَيْتُهُ لا أَكْذِبُ عَنْهُ أَوْ أُقْتَلُ دُونَهُ، وَجَعَلَتِ الرِّجَالُ تَخْتَلِطُ، وَالسُّيُوفُ بَيْنَهُمْ، وَخَرُسَ الْقَوْمُ فَلا صَوْتَ إِلا وَقْعَ السُّيُوفِ، حَتَّى بَصَرْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَأَشُدُّ عَلَيْهِ وَيَعْتَرِضُنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ فَضَرَبَ يَدِي فَقَطَعَهَا، فَوَاللَّهِ مَا عَرَّجْتُ عَلَيْهَا حَتَّى أَنْتَهِي إِلَى الْخَبِيثِ وَهُوَ صَرِيعٌ، وَأَجِدُ ابْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَدْ قَتَلَهُ، فَحَمَدْتُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُمْ.
فَلَمَّا انْقَطَعَتِ الْحَرْبُ وَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي، جَاءَنِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إلى مَنْزِلِي بِطِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَدَاوَانِي بِالزَّيْتِ الْمَغْلِي فَكَانَ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنَ الْقَطْعِ. وَكَانَ خَالِدٌ كَثِيرُ التَّعَاهُدِ لِي، حَسَنُ الصُّحْبَةِ، يَعْرِفُ حَقَّنَا وَيَحْفَظُ فِينَا وَصَيَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عَبَّادُ: فَقُلْتُ: يَا جَدَّةُ، أُكْثِرَتِ الْجِرَاحَ فِي الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ تَحَاجَزَ النَّاسُ، وَقُتِلَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَجَرْحَى كُلُّهُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ بَنِي أَبِي مُجَرَّحِينَ مَا بِهِمْ حَرَكَةٌ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِي بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ بِضَعَةَ عَشَرَ رَجُلا لَهُمْ أَنِينٌ، يُكْمِدُونَ لَيْلَهُمْ بِالنَّارِ، وَلَقَدْ أَقَامَ النَّاسُ بِالْيَمَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَعْدَ وَضْعِ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا، وَمَا يُصَلِّي مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ إِلا نَفَرٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ أَنَّا أُتِينَا مِنَ قِبَلِ الأَعْرَابِ انْهَمَكُوا بِالْمُسْلِمِينَ.
إِلا إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ طيِّئًا قَدْ أَبْلَتْ يَوْمَئِذٍ بَلاءً حَسَنًا، لَقَدْ رَأَيْتُ عُدَيَّ بْنَ حَاتِمٍ يَوْمَئِذٍ يَصِيحُ فِيهِمْ: فِدَاءً لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي، اصْبِرُوا لِوَقْعِ الأَسْلِ، وَأَنَّ ابْنِي زَيْدٍ الْخَيْلُ يَوْمَئِذٍ يُقَاتِلانِ قِتَالا شَدِيدًا ".

اسم الکتاب : مناقب النساء الصحابيات المؤلف : المقدسي، عبد الغني    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست