اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين الجزء : 1 صفحة : 167
المعتصم لأخبره بالخبر، وبما اضطررت إليه من تأدية رسالة باطلة عنه، لأنّي علمت أنّه لم يقل لي ما قاله إلاّ وهو يحبّ استبقاء أبي دلف.
فانتهيت إلى الجوسق في وقت حار، والحجّاب جميعا نيام، والدار خالية، فدخلت حتى انتهيت إلى ستر الدّار التي فيها المعتصم، وجلست وقلت: إن جاء الإفشين دخلت معه وتكلّمت، وإن سهل الوصول أخبرت أمير المؤمنين بالخبر كلّه.
فبينا أنا كذلك إذ خرج خادم صغير من وراء السّتر، ثم دخل وخرج، فقال: ادخل. فدخلت، وقلت: يا أمير المؤمنين، ما لي حرمة؟! مالي ذمام؟! أمالي حقّ؟! أما في فضل أمير المؤمنين ونعمته عليّ ما تجب رعايته؟! فقال: مالك يا أبا عبد الله، ما قصّتك؟ اجلس اجلس.
فجلست. ثم قلت: يا أمير المؤمنين، قلت اليوم لي في القاسم بن عيسى قولا علمت معه أنّك أردت استبقاءه، وحقن دمه، فمضيت من فوري إلى أبي الحسن الإفشين، ثم قصصت عليه القصّة إلى أوّل الرسالة التي أدّيتها عنه، وهو في كلّ ذلك يتغيّظ، ويفتل سباله حتى [إذا] [1] أردت أن أعرّفه الرّسالة، قطع عليّ، وقال: يمضي قاضيّ، وصنيعتي أحمد بن أبي دواد إلى خيذر فيخضع له، ويقف بين يديه، ويقبّل رأسه فلا يشفّعه، قتلني الله إن لم أقتله. يكرّرها فما استوفى كلامه حتّى رفع السّتر، ودخل الإفشين فلقيه بأكبر اللّين واللّقاء، وقال: في هذا الوقت الحارّ يا أبا الحسن؟ فقال: يا أمير المؤمنين، رجل عرفت ما نالني منه، وأنّه طلب دمي، وقد أطلقت يدي عليه، يجيء هذا ويقول: إنّك بعثت إليّ تأمرني أن لا أحدث فيه حدثا، وإنّي إن قتلته قتلت به. قال فغضب المعتصم، وقال: نعم، أنا أرسلته إليك فلا تحدث على القاسم حدثا. فنهض الإفشين مغضبا يدمدم. واتّبعته لأتلافاه، فصاح بي [1] ما بين معقوفين مستدرك من الفرج بعد الشدة.
اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين الجزء : 1 صفحة : 167