responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب الصغير ت خلف المؤلف : ابن المقفع    الجزء : 1  صفحة : 35
وَعَلَيْهَا يَثْبُتُ: الاجْتِهَادُ فِي التَّخَيُّرِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي التَّقَدُّمِ، وَالتَّعَهُّدُ الشَّدِيدُ، وَالْجَزَاءُ الْعَتِيدُ.
فَأَمَّا التَّخَيُّرُ لِلْعُمَّالِ وَالْوُزَرَاءِ: فَإِنَّهُ نِظَامُ الْأَمْرِ وَوَضْعُ مَؤُونَةِ الْبَعِيدِ الْمُنْتَشِرِ؛ فَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ بِتَخَيُّرِهِ رَجُلاً وَاحِدًا قَدِ اخْتَارَ أَلْفًا؛ لِأَنَّهُ مَنْ كَانَ مِنَ العُمَّالِ خِيَارًا فَسَيَخْتَارُ كَمَا اخْتِيرَ. وَلَعَلَّ عُمَّالَ الْعَامِلِ وَعُمَّالَ عُمَّالِهِ يَبْلُغُونَ عَدَدًا كَثِيرًا. فَمَنْ تَبَيَّنَ التَّخَيُّرَ فَقَدْ أَخَذَ بِسَبَبٍ وَثِيقٍ، وَمَنْ أَسَّسَ أَمْرَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَجِدْ لِبُنْيَانِهِ [1] قِوَامًا [2].

[1] في "ك": [لِبِنَائِهِ].
[2] قِوَام الأمرِ: نظامه وعماده، وهو أيضًا مِلاكه الذي يقوم به. قاله في "الصحاح". وكلامُ ابنِ المقفع هذا كلام رجلٍ عَرُوفٍ حقًّا، وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ. واعتبر بما ذكره العلامة ابن الجوزي (رحمه الله) في كتابه الماتع "صيد الخاطر" (ص227)، قال: قال عمر بن عبد العزيز لرجل: أَشِرْ عليَّ فيمن أستعمل؟ فقال: ((أما أرباب الدين فلا يريدونك، وأما أرباب الدنيا فلا تريدهم، ولكن عليك بالأشراف؛ فإنهم يصونون شرفهم عما لا يصلح)).
وقد روى أبو بكر الصولي قال: حدثني الحسين بن يحيى عن أبي إسحاقَ قال: دعاني المعتصم يومًا فأدخلني معه الحمام، ثم خرج فخلا بي، وقال: يا أبا إسحاقَ! في نفسي شيء أريد أن أسألك عنه، إن أخي المأمون اصطنع قومًا فأنجبوا، واصطنعت أنا مثلهم فلم ينجبوا! قلت: ومن هم؟ قال: اصطنع طاهرًا، وابنَه، وإسحاقَ، وآل سهل، فقد رأيت كيف هم، واصطنعت أنا الأفشين فقد رأيت إلى ما آل أمره، وأساش فلم أجده شيئًا، وكذلك إيتاح ووصيف! قلت: يا أمير المؤمنين! هاهنا جواب على أمان من الغضب. قال: لك ذلك. قلت: ((نظر أخوك إلى الأصول فاستعملها فأنجبت فروعها، واستعملت فروعًا لا أصول لها فلم تنجب)). فقال: يا أبا إسحاق! مقاساة ما مر بي طول هذه المدة أهون عليَّ من هذا الجواب)) ا. هـ.
اسم الکتاب : الأدب الصغير ت خلف المؤلف : ابن المقفع    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست