responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 37
وما يزال القلق والخوف يخيم على العالم بعد المحن القاسية التي مر بها، فليس في الحياة ما يطمئن كثيرًا، إذا كان ما يرجى منه النفع فيها قد ينقلب بين عشية وضحاها أداة للتخريب، وتصبح الإنسانية ضحية لذكائها الخاص، وقد أصبح السؤال عما يجب الحصول عليه حتى نأمن من الخوف أهم الدوافع في الحياة، وإليه توجهت الجهود الطيبة، ومن ثم ظهرت الجدية في الأدب المعاصر. لقد كان الأديب القديم مسليا قبل أن يكون موجهًا، ولكن من منا يقرأ القصة اليوم ليتسلى؟ من ذا الذي يكتب وهدفه الأول الإمتاع؟ إن الكاتب والقارئ اليوم, كلاهما متشبع بالمشكلة المعاصرة، وهي شعورنا القوي بعدم الاطمئنان[1]. فإذا كان لكل عصر -كما رأينا- روحه وسماته الغالبة، فإن روح هذا العصر وسماته العامة المحركة هي فقدان التوازن، والتحلل، والقلق، والتخبط.
وربما كان آخر مذهب أدبي طلع علينا من الغرب وأحدث في العالم كله ضجة حوله هو مذهب "اللامعقول" Absurd. فمنذ أكثر من ربع قرن راجَ هذا المذهب في فرنسا وسرعان ما لفت إليه أنظار المثقفين، بل إن بعض أدبائنا النابهين قد تأثروا به في بعض إنتاجهم الأدبي. ويعبر هذا المذهب عن السخرية المريرة من منطق الحياة التقليدي وعدم الثقة فيه، كما يصور التمزق الروحي الذي أصاب الذات نتيجة لاصطدامها بهذا المنطق.
هذه خطوط عامة صورنا بها نظرية الأدب من حيث علاقته بالحياة العامة. وقد حرصنا في بيان هذه العلاقة على أن يقف القارئ على المعالم الكبرى الواضحة في حياة الأدب خلال العصور الحديثة بخاصة حتى وقتنا الحاضر، لما له في ذلك من سبيل إلى توسيع إدراكه لحقيقة ذلك الكائن العظيم: الأدب!

[1] انظر:
Philo M. Bluk: Directions in Contemporary Literature., Oxford Univ. Press, New York, p. 4.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست