اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 158
على جمعها في كتاب بعنوان "أنا" الكاتب الصحفي طاهر الطناحي بعد موافقة العقاد نفسه.
وربما خطر لنا منذ البداية أن كتابة هذه الفصول مفرقة ونشرها على هذا النحو "وإن كان معظمها قد نشر في مجلة "الهلال"" قد لا يؤديان بها مجتمعة إلى ما يكون عليه العمل الأدبي، الذي تتصل كتابته، من التماسك والوحدة, لكن من يعرف منهج العقاد في التأليف بصفة عامة، يدرك أنه لم يكن يتقيد في تأليف كتبه بنسق الفصول التي يتضمنها كل كتاب، وأنه ربما كتب فصلًا متأخرًا من الكتاب قبل فصل متقدم، حسبما تتيسر له كتابة الفصول التي يشتمل عليها الكتاب. لقد جرى على أن يبني في عقله تصوره للكتاب الذي يؤلفه، في إجماله وتفصيله، وفي نسقه الواجب له، فإذا جاءت مرحلة الكتابة لم يجر فيها -بالضرورة- على النسق الذي تصوره، وإن كان ذلك لا ينفي -في النهاية- تحقق الوحدة الموضوعية, والفكرية للكتاب.
وعلى هذا الأساس نستطيع أن نقول: إن العقاد حين نشر تلك الفصول المفرقة عن نفسه إنما كان يصدر فيها عن تصور شامل لكتاب يترجم فيه لنفسه، أو يقدم فيه سيرة حياته. ويؤكد هذا ما ذكره طاهر الطناحي حين اقترح عليه أن يكتب كتابًا عن حياته فأجاب بقوله:
"سأكتب هذا الكتاب، وسيكون عنوانه "عني" وسيتناول حياتي من جانبين: الأول حياتي الشخصية بما فيها من صفاتي وخصائصي، نشأتي وتربيتي البيتية والفكرية، وآمالي وأهدافي، وما تأثرت به من بيئة وأساتذة وأصدقاء، وما طبع أو انطبع في نفسي من إيمان وعقيدة ومبادئ أو بعبارة أخرى "عباس العقاد الإنسان" الذي أعرفه أنا وحدي، لا "عباس العقاد" كما يعرفه الناس، ولا "عباس العقاد" كما خلقه الله، والجانب الثاني حياتي الأدبية والسياسية والاجتماعية المتصلة بمن حولي من الناس، أو بالأحداث التي مرت بي وعشت فيها أو عشت معها، وخضت بسببها عدة معارك قلمية، وكانت صناعة القلم أبرز ما فيها، أو بعبارة أخرى "حياة قلمي". ولعلي أبدأ بالجانب الأول، الذي هو "أنا"؛ لأنه أقرب إلى الكتابة، وبخاصة وأنا في نهاية الحلقة السادسة من عمري ... "[1].
من هذا يتضح أن العقاد حين شرع في كتابة تلك الفصول عن نفسه كان يدرك أنه بصدد أن يكتب ترجمة ذاتية، وأن عناصر هذه الترجمة كانت واضحة في ذهنه، [1] عباس محمود العقاد: أنا، دار الهلال، ب ت، مقدمة الطناحي، ص 6, 7.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 158