responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 137
أن يترجم لنفسه لغة الأبطال، ولكن المسرح لا يتيح للمشاهدة فرصة التأمل، بل هو يتلقى كلام الأبطال مباشرة من أفواههم، فكل تنافر بين مظهر الأبطال على المسرح واللغة التي ينطقونها يحدث في الحال شعورًا باختلال الصورة الفنية في الذهن؛ لذلك كانت الروايات المسرحية التي تمثل أشخاصًا أجانب في المكان، أو الروايات التاريخية أو الأسطورية التي تمثل أشخاصًا أجانب في الزمان، لا بأس في جعل لغتها فصحى أو شعرية لا علاقة لها بالواقع الذي يعيشه المشاهد. أما إذا شعر المشاهد أن الأشخاص يتفقون معه في الزمان والمكان فلا بد حتمًا عندئذ من أن يتكلموا اللغة التي تفرضها عليهم حياتهم الحقيقية الواقعية في الزمان والمكان"[1].
هذه العناصر الثلاثة "الحوار، الصراع، الحركة" هي العناصر الجوهرية التي تميز فن المسرحية عن غيره من الفنون الأدبية. ومن الواضح أن المسرحية تشترك مع القصة في أنها تستغلّ عناصر القصة من حادثة وشخصية وفكرة. والواقع أن كل مسرحية تشتمل على قصة, إنها قصة غير مسرودة ولكنها ممثلة كما تحدث في الواقع. و"وحدة الموضوع" التي يتحدث عنها النقاد ليست تعني عند أرسطو -أول من نادى بها في المسرحية- سوى وحدة القصة unity of action التي تصورها المسرحية.

[1] مجلة الثقافة، العدد 732 سنة 1952، ص7.
الإطار المسرحي:
ولكن برغم هذا الاشتراك فإن المسرحية تختلف عن القصة في استخدامها هذه العناصر؛ ذلك أن الإطار المسرحي الخاص يفرض على المؤلف المسرحي طريقة خاصة لبناء الحادثة وتكوينها. ويكفي أن نذكر هنا أن كاتب القصة يستطيع أحيانًا أن يستطرد، وقد يستهلك فصلا بكامله في هذا الاستطراد، دون أن يؤثر هذا على الحادثة الأساسية، بل قد يكون مفيدًا لها. أما المسرحية فهي "لا تسمح بالأشياء الجانبية التي ربما أبعدت ذهن المتفرج عن الحادثة الرئيسية. إن هناك مكانًا يسمح به للوقائع ذات الأهمية الثانوية بجانب تطور المواقف الدرامية أو فيه، ولكنها يجب دائمًا أن تشارك في حركة القصة، سواء بأن تزيد من التعريف بشخصية من الشخصيات، أو بأن تبعث دوافع جديدة للقرارات التي ستتخذها الشخصيات"[1].
وما يقال عن الحوادث الجانبية يقال عن الشخصيات الجانبية من حيث ضرورة ارتباطها بالحادثة الأساسية، وضرورة دورها في بناء هذه الحادثة.
إن الإطار المسرحي إطار ضيق، وهو كذلك إطار محكم؛ ولذلك تصعب الكتابة المسرحية حتى إننا لنجد بجانب كل مائة كاتب قصة كاتبًا مسرحيًّا واحدًا. والحق أن

[1] Jean Beraud: Initiation a l' Art Dr., p. 54.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست