responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 125
وكان يلزم نتيجة لذلك أن تكون شخصية سيد في قصة الحب موازية ومكملة لشخصية سيد في قصة الكفاح. ولم يكن سيد بعد هذا -أو قبل هذا- شخصية شعبية بالمعنى الصحيح، فأسرته من الطبقة المتوسطة برغم أنها فقدت عائلها, وهو حين يطمع في الزواج من منى لا يكون ذلك طموحًا كبيرًا، ولا يكون تحقيقه هدمًا لفكرة الطبقات.
فإذا كان قد انتهت قصة حبه بزواجه من منى, فليس معنى ذلك أن هناك عملية كفاح قد تمت للمقاربة بين طبقتين اجتماعيتين تختلفان من حين المستوى المادي والأدبي، فالحقيقة أن الأسرتين متقاربتان، وفي تحقيق هذا الزواج لا يبدو أي كفاح طبقي، ولا أي انتصار شعبي؛ ولذلك تقف قصة الحب في "أنا الشعب" بعيدة عن الكفاح الذي أراد إليه المؤلف، فقصة الحب لا تحمل أي نزعة ثورية، ولا تدل على تقدم في الوعي الاجتماعي، ولا على تحطيم الفروق بين الطبقات.
وإذا أردنا أن نتصور النزعة السلبية والانطوائية في شخصية سيد كان علينا أن ننظر بخاصة في قصة الحب التي تخللت "أنا الشعب"، فهو في هذه القصة ينظر إلى الحياة نظرة تدل على شعوره بالضعف إزاء الحياة وإزاء المقادير. وفي أكثر من مرة يتصور الحياة كالدوامة الكبيرة، ويتصور نفسه ملقى فيها وهي تدور به كيفما شاءت، دون أن يعترض تيارها أو يشق لنفسه طريقًا خارجها "ص120" "ص188". وهو كذلك شخص خجول ينكمش في نفسه أمام حديث الفتاة فطومة الساذجة عندما تحكي له عن صلاتها بشهاب أفندي الموظف الذي كان ينزل في بيتهم قبله "ص51، 252، 281، 282".
وهناك أكثر من موقف نستشف منه ذلك الجانب الضعيف في شخصية سيد زهير، وكل ذلك ينتهي بنا إلى الحكم على هذه الشخصية بأنها كانت منقسمة على ذاتها، أو لم تكن شخصية متكاملة في ثورتها وفي تقدميتها.
ومع أن شخصية سيد زهير لم تكن شخصية شعبية بالمعنى الصحيح, فقد كانت الشخصيات الأخرى تحمل طابع الشعبية ولكنها تفتقد الثورة في كامنها. فحمادة الأصفر، ومصطفى عجوة، والشيخ القرش، والشيخ مصطفى، هذه النماذج الشعبية كانت أفقر النماذج للدلالة على دبيب الوعي في نفوس أبناء الشعب، بل لعلها كانت شخصيات ترمز فحسب إلى مواطن الفساد التي يعاني منها ذلك الشعب، ولكنها لم تكن تحمل في طيها أي نزعة إلى التغيير, وإلى الانطلاق من أوضاعها السيئة. وينجح المؤلف في أن يضفي عليها طابع الشعبية، لا ليستغلها فيما بعد لتكوين الوعي الشعبي وقيام الثورة، ولكنه يصورها فقط ليلقي من خلالها الأضواء على ما يسود هذا الشعب

اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست