اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 109
ذلك ضروري لحيوية القصة؛ لأنه يمثل البطانة النفسية للقصة. ويسمى هذا العنصر "setting"، ويقوم بالدور الذي تقوم به المناظر على المسرح بوصفها شيئًا مرئيًّا يساعد على فهم الحالة النفسية للقصة أو الشخصية، فهو هنا يقوم بنفس الدور الذي تقوم به الموسيقى المصاحبة للمسرحية أو القصة السينمائية. وأخيرًا يصبح التصوير مهمًّا أحيانًا، حتى إنه يكاد يقوم بدور الممثل في القصة، أي: تكون له قوة درامية[1].
وهناك نوع من القصة يسمى "قصة الحقبة"، وهي قصة لا تحاول أن تطلعنا على الحقيقة الإنسانية التي تصدق في كل عصر، بل تكتفي بمجتمع في مرحلة انتقال، وبالشخصيات التي لا تكون حقيقية إلا بمقدار تمثيلها لذلك المجتمع[2]. وقصة "أنا الشعب" التي سندرسها في نهاية هذا الفصل تمثل هذا النوع.
6- الفكرة:
يتساءل القارئ المتوسط عن "الإطار" في القصة، وهو يعني بذلك عادة "ماذا حدث؟ "، ولكن عندما نحلل القصة لا يكون لهذا السؤال من الأهمية ما يكون لسؤالنا: لماذا حدث؟ صحيح أن نهاية كل قصة تعطي نوعًا من النتيجة، فهناك شيء "يحدث" حقا, ولكن أسباب هذه النتيجة أكثر أهمية من الحوادث الواقعة ذاتها، فخلف الحوادث يقع المعنى. وهذا المعنى يقبله القارئ أو يرفضه، معتمدًا على ما إذا كان المؤلف قد كان قادرًا على إقناعه بأن النتيجة تتفق سواء مع خبرته بالحياة أو مع الحياة كما يصورها المؤلف[3].
فالقصة إذن إنما تحدث لتقول شيئًا, لتقرر فكرة، فالفكرة هي الأساس الذي يقوم عليه البناء الفني للقصة. "والموضوع الذي تبنى عليه القصة لا يكون دائمًا إيجابيا في أثره، فمع أنه يجب أن يقرر -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- حقيقة عن الحياة أو السلوك الإنساني فإنه غير مطالب بأن يحل مشكلة. وقد بين كاتب القصة القصيرة الروسي العظيم "تشيكوف"[4] ذات مرة لصديق شاب أن هناك فرقًا بين حل المشكلة ووضعها وضعًا صحيحًا، فيكفي الفنان -كما قال- أن يصور مشكلته تصويرًا صحيحًا"[5]. [1] Reading the Short Story, p. 10. [2] Muir: p. 117. [3] Reading the Short Story, p. 11. [4] أنطون بافلوفيتش تشيكوف Anton Powlovich Chekhow "1860-1904": كاتب مسرحي، ومؤلف أقاصيص روسي، ويعد من أئمة القصة القصيرة في العصر الحديث. [5] نفس المصدر 13.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 109