اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 106
هذا النوع. مثال ذلك قصة "روبنسون كروزو"[1]، فالأشياء فيها تتحدث، والشخصيات تلتقي وتفترق، ولكنها ليس لها عمود فقري بنائي واضح، أو وحدة عضوية, وليس من الضروري لكاتب في هذه الحالة أن يعرف كل تفصيلات القصة قبل أن يبدأ كتابتها، بل يكفي أن يكوّن في ذهنه معرفة عامة بالطريق الذي ستتبعه القصة.
أما في الصورة البنائية العضوية فإن القصة مهما امتلأت بالحوادث الجزئية المنفصلة الممتعة فإنها تتبع "تصميمًا" عامًّا معقولًا. وفي خلال هذا التصميم تقوم كل حادثة تفصيلية بدور حيوي واضح, فهناك شيء أكثر من مجرد الفكرة العامة عن مسار القصة. فالخطة كلها لا بد أن تعد بصورة مفصلة، وأن تنظم الشخصيات والحوادث بحيث تشغل أماكنها المناسبة، وأن تؤدي كل الخطوط إلى النهاية.
وينبغي أن يكون واضحًا أن الصورة البنائية تختلف من نوع قصصي إلى آخر؛ فالصورة البنائية التي تتمثل في الرواية لا يمكن أن تصلح لبناء قصة قصيرة, والصورة البنائية الأولى التي سبق ذكرها هي أنسب صورة للرواية، في حين أنها لا تصلح للقصة القصيرة. والصورة الثانية تصلح للقصة دون القصة القصيرة؛ لأن القصة القصيرة بحكم طبيعتها تتطلب صورًا بنائية خاصة.
وأبسط صورة لبناء القصة -وهي الصورة المألوفة بصفة عامة- هي تلك التي تتمثل بين طرفي الصراع، وهما الهدف والنتيجة. فإذا كان "أ" يهدف إلى الزواج من "ب" برغم منافسة "ج" وممانعة "د" فإنه إما أن ينجح أو يخفق, ونجاحه هو النتيجة. وهو في سبيله إليها سيصادف حوادث مفاجئة كثيرة تقربه من النجاح حينًا ومن الإخفاق حينًا، وهذه الحوادث المفاجئة يمكن أن تقع فوق الخط المستقيم وأسفله، ذلك الخط الذي يمتد بين طرفين هما الهدف والنتيجة، والذي يخترقه خط الحركة في القصة عدة مرات في اجتيازه من مفاجأة نجاح إلى مفاجأة إخفاق، حتى يتصل أخيرًا بالخط المستقيم عند نهايته أو أسفله، تبعًا للهدف الأخير أو فقدان الهدف الرئيسي من حركة القصة[2].
والشكل الآتي يوضح هذه الصورة: [1] Robinson Crusoe، اسم رواية لـ "دانيال ديفو" Daniel Defoe وهو كاتب إنجليزي "1660-1731"، وقد كتب هذه الرواية في عام 1719. [2] Westland: literary Appreciation, p. 211.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 106