responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البلاغة 2 - المعاني المؤلف : جامعة المدينة العالمية    الجزء : 1  صفحة : 477
فالجملة الأولى: زعم العوازل أنني في غمرة، حرّكت السامع وأثارت في ذهنه سؤالًا: أصدقوا في ذلك الزعم أم كذبوا؟ فأُخرج الكلام مخرجه لو كان ذلك قد قيل له ففصل جملة صدقوا، ومن الشواهد على ذلك أيضًا قول أبي تمام:
ليس الحجابُ بمقصٍ عنك لي أملا ... إن السماء تُرجّى حين تحتجب
فكأن سائلا سأله: كيف لا يحول الحجاب بينك وبين تحقيق آمالك ومآربك؟ فأجاب: إن السماء تُرجى حين تحتجب، ومنه قول الآخر:
يرى البخيل سبيل المال واحدة ... إن الكريم يرى في ماله سبلا
وكأن المخاطب عندما سمع الشطر الأول سأله: وما رأي الكريم في ماله؟ فأجاب: إن الكريم يرى في ماله سبلا، ومنه كذلك قول الآخر:
فغنها وهي لك الفداء ... إن غناء الإبل الحداء
فعندما قال الشاعر: "فغنّها وهي لك الفداء"، توهم أن سائلا سأله: وما غناء الإبل؟ أغناؤها الحداء أم أنك تقصد شيئًا آخر غير الحداء؟ فأجاب: إن غناء الإبل الحداء. وترجع بلاغة هذا الأسلوب إلى ما يفيده من إثارة المخاطب وتحريك ذهنه، فهذا السؤال المنبعث من الجملة الأولى قد انبعثَ في ذهن المخاطب أو في ذهن المتكلم، الذي أدرك أن الجملة ينبعث منها هذا السؤال، وأن المخاطبَ ينتظر جوابًا له وبيانًا، فعندما يأتي البيان ويرِد الجواب يقع في النفس أحسن موقع وأفضله؛ ولذا قال خلف الأحمر لبشار وقد استمع لبيتيه:
بكِّرا صاحبي قبل الهجير ... إن ذاك النجاحَ في التبكير
"لو قلت يا أبا معاذ: بكّرا فالنجاحُ، كان أحسن فقال بشار: إنما بنيتها أعرابية وحشية، ولو قلت: بكّرا فالنجاح، كان من كلام المولدين"، ومراده أن التكرار -أي تكرار فعل الأمر- أفاد التأكيد بوجهٍ ظاهر، لا دقة فيه، أما ما صنعه

اسم الکتاب : البلاغة 2 - المعاني المؤلف : جامعة المدينة العالمية    الجزء : 1  صفحة : 477
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست