يهلك حقيقة وهذا الاعتقاد باطل؛ لأن الدهر ظرف للأحداث ولا تأثير له في صنعها أو توجيهها حتى ينسب إليه شيء من ذلك.
رابعها: ما يخالف الواقع والاعتقاد معًا، كالأقوال الكاذبة التي يكون القائل عالمًا بحالها دون المخاطب كقوله: سافر محمد وهو لم يسافر، فهو يخالف الواقع والاعتقاد معًا، وإنما كان من قبيل الحقيقة؛ لأن المخاطب لا يعلم بكذبه، وليس من شأن الكاذب أن ينصب قرينة تدل على كذبه حتى يفطن إليه المخاطب، بل يحرص على ترويج كذبه.
المجاز العقلي وعلاقاته
وننتقل بعد الحديث عن تعريف الحقيقة العقلية للحديث عن قسيمها وهو المجاز العقلي؛ فما هو يا ترى؟
المجاز العقلي: هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ملابس له غير ما هو له بتؤول. كذا في (الإيضاح)، فقوله: إلى ملابس له، يشير إلى أنه لا بد في هذا المجاز من علاقة كسائر المجازات، وهذه العلاقة هي الملابسة والارتباط بين الفعل وفاعله المجازي، أو بين الفاعل الحقيقي والفاعل المجازي على رأي آخر.
وملابسة الفعل لفاعله المجازي من جهة وقوعه عليه أو فيه أو بسببه وما شابه ذلك؛ أما الفاعل المجازي فهو يلابس الفاعل الحقيقي من حيث تعلق وجود الفعل بكل منهما، والإسناد هنا إلى غير ما هو له؛ أي: إلى غير ما حقه أن يسند إليه، وبذلك تَخرج الحقيقة العقلية؛ وهذا هو أساس الفرق بين الحقيقة العقلية والمجاز العقلي.