responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين    الجزء : 1  صفحة : 213
فقابل الضحك بالبكاء، والحزن بالسرور في بيت واحد إلا أن في ذلك نظراً، من حيث ترتيب التفسير، لا من حيث المقابلة، لأن ترتيب التفسير يقتضي أن كان قال
(فله بلا حزن ولا بمسرة) (بكاء يراوح بينه وضحك). وهذا لا كبير عيب فيه، وإنما الأولى والأليق ما أشرنا إليه، فاعرفه، وسيأتي بيانه، وقال آخر:
فلا الجودُ يفني المالَ والجدُّ مقْبلُ ... ولا البخلُ يُبقي المال والجد مدبرُ
ألا ترى إلى هذه المقابلة البديعة التي قد أتى بها هذا الشاعر؛ فانه قابل الجود بالبخل ويُفْني بيُبقي ومُقبِل بمدبر؟ وهذا الكلام هو السهل الممتنع، الذي هو كالنجم تراه قريباً على صفحات الماء وهو بأفق السماء. ومن هذا النوع أيضاً قول البحتري:
وأمة كانَ قُبْحُ الجَور يُسخطها ... دهراً فأصبح حُسنُ العدل يُرضيها
فقابل الحسن بالقبح، والجور بالعدل، والسخط بالرضى، وذلك بديع في بابه، فاعرفه.

وأما القسم الثاني وهو مقابلة الشيء بغيره فهو ضربان
أحدهما ما كان بين المقابل والمقابل له مناسبة وتقابل، كقول بعضهم.
يَجْزُونَ من ظلم أهل الظُلمِ مَغْفِرةً ... ومِنْ إساءةِ أهلِ السُّوء إحسانا
فقابل الظلم بالمغفرة، والظلم ليس ضد المغفرة، وإنما هو ضد العدل إلا أنه لما كانت المغفرة قريبة من العدل مناسبة له حسنت المقابلة بينها وبين الظلم، وأمثال هذه كثيرة.

الضرب الثاني من القسم الثاني
في المقابلة وهو أن يقابل الشيء بما بينه وبينه بعد ولا مناسبة (بينهما) بحال من الأحوال وذلك مما لا يحسن استعماله في التأليف، مما جاء منه قول بعضهم:
أمْ هَلْ ظعائنُ بالعلَياءِ رافِعَةٌ ... وإنْ تكامل فيها الدَلُّ والشَنَبُ

اسم الکتاب : الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست